فصل: كتاب اللِّعَانِ

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: منهاج الطالبين وعمدة المتقين ***


كتاب اللِّعَانِ

يَسْبِقُهُ قَذْفٌ وَصَرِيحُهُ الزِّنَا كَقَوْلِهِ لِرَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ‏:‏ زَنَيْتَ أَوْ زَنَيْتِ أَوْ يَا زَانِي أَوْ يَا زَانِيَةُ، وَالرَّمْيُ بِإِيلَاجِ حَشَفَةٍ فِي فَرْجٍ مَعَ وَصْفِهِ بِتَحْرِيمٍ أَوْ دُبُرٍ صَرِيحَانِ، وَزَنَأْت فِي الْجَبَلِ كِنَايَةٌ، وَكَذَا زَنَأْت فَقَطْ فِي الْأَصَحِّ، وَزَنَيْت فِي الْجَبَلِ صَرِيحٌ فِي الْأَصَحِّ، وَقَوْلُهُ يَا فَاجِرُ يَا فَاسِقُ، وَلَهَا يَا خَبِيثَةُ، وَأَنْتِ تُحِبِّينَ الْخَلْوَةَ، وَلِقُرَشِيٍّ‏:‏ يَا نَبَطِيُّ، وَلِزَوْجَتِهِ لَمْ أَجِدْك عَذْرَاءَ كِنَايَةٌ فَإِنْ أَنْكَرَ إرَادَةَ قَذْفٍ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ، وَقَوْلُهُ يَا ابْنَ الْحَلَالِ، وَأَمَّا أَنَا فَلَسْت بِزَانٍ، وَنَحْوِهِ تَعْرِيضٌ لَيْسَ بِقَذْفٍ وَإِنْ نَوَاهُ، وَقَوْلُهُ زَنَيْت بِكَ إقْرَارٌ بِزِنًا وَقَذْفٍ، وَلَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ يَا زَانِيَةُ فَقَالَتْ زَنَيْت بِك أَوْ أَنْتِ أَزْنَى مِنِّي فَقَاذِفٌ وَكَانِيَةٌ فَلَوْ قَالَتْ زَنَيْت وَأَنْتَ أَزْنَى مِنِّي فَمُقِرَّةٌ وَقَاذِفَةٌ، وَقَوْلُهُ زَنَى فَرْجُك أَوْ ذَكَرُك قَذْفٌ، وَالْمَذْهَبُ أَنَّ قَوْلَهُ يَدُك وَعَيْنُك، وَلِوَلَدِهِ لَسْت مِنِّي أَوْ لَسْت ابْنِي كِنَايَةٌ، وَلِوَلَدِ غَيْرِهِ لَسْت ابْنَ فُلَانٍ صَرِيحٌ إلَّا لِمَنْفِيٍّ بِلِعَانٍ وَيُحَدُّ قَاذِفُ مُحْصَنٍ وَيُعَزَّرُ غَيْرُهُ، وَالْمُحْصَنُ مُكَلَّفٌ حُرٌّ مُسْلِمٌ عَفِيفٌ عَنْ وَطْءٍ يُحَدُّ بِهِ، وَتَبْطُلُ الْعِفَّةُ بِوَطْءِ مَحْرَمٍ مَمْلُوكَةٍ عَلَى الْمَذْهَبِ، لَا زَوْجَتِهِ فِي عِدَّةِ شُبْهَةٍ وَأَمَةِ وَلَدِهِ وَمَنْكُوحَتِهِ بِلَا وَلِيٍّ فِي الْأَصَحِّ وَلَوْ زِنَى مَقْذُوفٌ سَقَطَ الْحَدُّ، أَوْ ارْتَدَّ فَلَا وَمَنْ زَنَى مَرَّةً ثُمَّ صَلَحَ لَمْ يَعُدْ مُحْصَنًا، وَحَدُّ الْقَذْفِ يُورَثُ وَيَسْقُطُ بِعَفْوٍ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَرِثُهُ كُلُّ الْوَرَثَةِ، وَأَنَّهُ لَوْ عَفَا بَعْضُهُمْ فَلِلْبَاقِينَ كُلُّهُ‏.‏

فصل ‏[‏في بيان حكم قذف الزوج ونفي الولد جوازا ووجوبا‏]‏

لَهُ قَذْفُ زَوْجَةٍ عَلِمَ زِنَاهَا أَوْ ظَنَّهُ ظَنًّا مُؤَكَّدًا؛ كَشَيَاعِ زِنَاهَا بِزَيْدٍ مَعَ قَرِينَةٍ بِأَنْ رَآهُمَا فِي خَلْوَةٍ وَلَوْ أَتَتْ بِوَلَدٍ وَعَلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ لَزِمَهُ نَفْيُهُ وَإِنَّمَا يَعْلَمُ إذَا لَمْ يَطَأْ أَوْ وَلَدَتْهُ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الْوَطْءِ أَوْ فَوْقَ أَرْبَعِ سِنِينَ، فَلَوْ وَلَدَتْهُ لِمَا بَيْنَهُمَا وَلَمْ تَسْتَبْرِئْ بِحَيْضَةٍ حَرُمَ النَّفْيُ وَإِنْ وَلَدَتْهُ لِفَوْقِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ حَلَّ النَّفْيُ فِي الْأَصَحِّ وَلَوْ وَطِئَ وَعَزَلَ حَرُمَ عَلَى الصَّحِيحِ، وَلَوْ عَلِمَ زِنَاهَا وَاحْتُمِلَ كَوْنُ الْوَلَدِ مِنْهُ وَمِنْ الزِّنَا حَرُمَ النَّفْيُ، وَكَذَا الْقَذْفُ وَاللِّعَانُ عَلَى الصَّحِيحِ‏.‏

فصل ‏[‏في كيفية اللعان وشروطه وثمراته‏]‏

اللِّعَانُ‏:‏ قَوْلُهُ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ‏:‏ أَشْهَدُ بِاَللَّهِ إنِّي لَمِنْ الصَّادِقِينَ فِيمَا رَمَيْت بِهِ هَذِهِ مِنْ الزِّنَا فَإِنْ غَابَتْ، سَمَّاهَا وَرَفَعَ نَسَبَهَا بِمَا يُمَيِّزُهَا، وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إنْ كَانَ مِنْ الْكَاذِبِينَ فِيمَا رَمَاهَا بِهِ مِنْ الزِّنَا وَإِنْ كَانَ وَلَدٌ يَنْفِيهِ ذَكَرَهُ فِي الْكَلِمَاتِ فَقَالَ وَإِنَّ الْوَلَدَ الَّذِي وَلَدَتْهُ أَوْ هَذَا الْوَلَدَ مِنْ زِنًا لَيْسَ مِنِّي وَتَقُولُ هِيَ‏:‏ أَشْهَدُ بِاَللَّهِ إنَّهُ لَمِنْ الْكَاذِبِينَ فِيمَا رَمَانِي بِهِ مِنْ الزِّنَا، وَالْخَامِسَةُ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إنْ كَانَ مِنْ الصَّادِقِينَ فِيهِ وَلَوْ بُدِّلَ لَفْظُ شَهَادَةٍ بِحَلِفٍ وَنَحْوِهِ أَوْ غَضَبٍ بِلَعْنٍ وَعَكْسِهِ أَوْ ذُكِرَا قَبْلَ تَمَامِ الشَّهَادَاتِ لَمْ يَصِحَّ فِي الْأَصَحِّ‏.‏

وَيُشْتَرَطُ فِيهِ أَمْرُ الْقَاضِي وَيُلَقِّنُ كَلِمَاتِهِ وَأَنْ يَتَأَخَّرَ لِعَانُهَا عَنْ لِعَانِهِ وَيُلَاعِنُ أَخْرَسُ بِإِشَارَةٍ مُفْهِمَةٍ أَوْ كِتَابَةٍ وَيَصِحُّ بِالْعَجَمِيَّةِ، وَفِيمَنْ عَرَفَ الْعَرَبِيَّةَ وَجْهٌ، وَيُغَلَّظُ بِزَمَانٍ وَهُوَ بَعْدَ عَصْرِ جُمُعَةٍ وَمَكَانٌ وَهُوَ أَشْرَفُ بَلَدِهِ، فَبِمَكَّةَ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْمَقَامِ، وَالْمَدِينَةِ عِنْدَ الْمِنْبَرِ، وَبَيْتِ الْمَقْدِسِ عِنْدَ الصَّخْرَةِ وَغَيْرِهَا عِنْدَ مِنْبَرِ الْجَامِعِ، وَحَائِضٌ بِبَابِ الْمَسْجِدِ، وَذِمِّيٌّ فِي بِيعَةٍ وَكَنِيسَةٍ، وَكَذَا بَيْتُ نَارِ مَجُوسِيٍّ فِي الْأَصَحِّ، لَا بَيْتُ أَصْنَامِ وَثَنِيٍّ، وَجَمْعٍ أَقَلُّهُ أَرْبَعَةٌ وَالتَّغْلِيظَاتُ سُنَّةٌ لَا فَرْضٌ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَيُسَنُّ لِلْقَاضِي وَعْظُهُمَا، وَيُبَالِغُ عِنْدَ الْخَامِسَةِ وَأَنْ يَتَلَاعَنَا قَائِمَيْنِ، وَشَرْطُهُ زَوْجٌ يَصِحُّ طَلَاقُهُ وَلَوْ ارْتَدَّ بَعْدَ وَطْءٍ فَقَذَفَهَا وَأَسْلَمَ فِي الْعِدَّةِ لَاعَنَ وَلَوْ لَاعَنَ ثُمَّ أَسْلَمَ فِيهَا صَحَّ أَوْ أَصَرَّ صَادَفَ بَيْنُونَةً‏.‏

وَيَتَعَلَّقُ بِلِعَانِهِ فُرْقَةٌ وَحُرْمَةٌ مُؤَبَّدَةٌ، وَإِنْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ تَنْبِيهٌ‏:‏ وَسُقُوطُ الْحَدِّ عَنْهُ، وَوُجُوبُ حَدِّ زِنَاهَا‏.‏

وَانْتِفَاءُ نَسَبٍ نَفَاهُ بِلِعَانِهِ، وَإِنَّمَا يَحْتَاجُ إلَى نَفْيِ مُمْكِنٍ مِنْهُ، فَإِنْ تَعَذَّرَ بِأَنْ وَلَدَتْهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الْعَقْدِ أَوْ طَلَّقَ فِي مَجْلِسِهِ، أَوْ نَكَحَ وَهُوَ بِالْمَشْرِقِ وَهِيَ بِالْمَغْرِبِ لَمْ يَلْحَقْهُ وَلَهُ نَفْيُهُ مَيِّتًا، وَالنَّفْيُ عَلَى الْفَوْرِ فِي الْجَدِيدِ وَيُعْذَرُ لِعُذْرٍ، وَلَهُ نَفْيُ حَمْلٍ وَانْتِظَارُ وَضْعِهِ، وَمَنْ أَخَّرَ وَقَالَ جَهِلْت الْوِلَادَةَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ إنْ كَانَ غَائِبًا وَكَذَا الْحَاضِرُ فِي مُدَّةٍ يُمْكِنُ جَهْلُهُ فِيهَا، وَلَوْ قِيلَ لَهُ‏:‏ مُتِّعْت بِوَلَدِك، أَوْ جَعَلَهُ اللَّهُ لَكَ وَلَدًا صَالِحًا فَقَالَ آمِينَ أَوْ نَعَمْ تَعَذَّرَ نَفْيُهُ، وَإِنْ قَالَ جَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا، أَوْ بَارَكَ عَلَيْك فَلَا وَلَهُ اللِّعَانُ مَعَ إمْكَانِ بَيِّنَةٍ بِزِنَاهَا، وَلَهَا لِدَفْعِ حَدِّ الزِّنَا‏.‏

فصل ‏[‏في المقصود الأصلي من اللعان‏]‏

لَهُ اللِّعَانُ لِنَفْيِ وَلَدٍ، وَإِنْ عَفَتْ عَنْ الْحَدِّ وَزَالَ النِّكَاحُ، وَلِدَفْعِ حَدِّ الْقَذْفِ وَإِنْ زَالَ النِّكَاحُ، وَلَا وَلَدَ، وَلِتَعْزِيرِهِ، لَا تَعْزِيرَ تَأْدِيبٍ لِكَذِبٍ كَقَذْفِ طِفْلَةٍ لَا تُوطَأُ، وَلَوْ عَفَتْ عَنْ الْحَدِّ أَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِزِنَاهَا أَوْ صَدَّقَتْهُ وَلَا وَلَدَ أَوْ سَكَتَتْ عَنْ طَلَبِ الْحَدِّ أَوْ جُنَّتْ بَعْدَ قَذْفِهِ فَلَا لِعَانَ فِي الْأَصَحِّ، وَلَوْ أَبَانَهَا أَوْ مَاتَتْ ثُمَّ قَذَفَهَا بِزِنًا مُطْلَقٍ أَوْ مُضَافٍ إلَى مَا بَعْدَ النِّكَاحِ لَاعَنَ إنْ كَانَ وَلَدٌ يَلْحَقُهُ فَإِنْ أَضَافَ إلَى مَا قَبْلَ نِكَاحِهِ فَلَا لِعَانَ إنْ لَمْ يَكُنْ وَلَدٌ وَكَذَا إنْ كَانَ فِي الْأَصَحِّ لَكِنْ لَهُ إنْشَاءُ قَذْفٍ وَيُلَاعِنُ، وَلَا يَصِحُّ نَفْيُ أَحَدِ تَوْأَمَيْنِ

كتاب الْعِدَدِ

أَوْ اسْتِدْخَالِ مَنِيِّهِ، وَإِنْ تَيَقَّنَ بَرَاءَةَ الرَّحِمِ، لَا بِخَلْوَةٍ فِي الْجَدِيدِ، وَعِدَّةُ حُرَّةٍ ذَاتِ أَقْرَاءٍ ثَلَاثَةٌ وَالْقَرْءُ‏:‏ الطُّهْرُ فَإِنْ طَلُقَتْ طَاهِرًا انْقَضَتْ بِالطَّعْنِ فِي حَيْضَةٍ ثَالِثَةٍ، أَوْ حَائِضًا فَفِي رَابِعَةٍ، وَفِي قَوْلٍ يُشْتَرَطُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ بَعْدَ الطَّعْنِ وَهَلْ يُحْسَبُ طُهْرُ مَنْ لَمْ تَحِضْ قَرْءًا‏؟‏ قَوْلَانِ، بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْقَرْءَ، انْتِقَالٌ مِنْ طُهْرٍ إلَى حَيْضٍ، أَمْ طُهْرٌ مُحْتَوَشٌ بِدَمَيْنِ، وَالثَّانِي أَظْهَرُ وَعِدَّةُ مُسْتَحَاضَةٍ، بِأَقْرَائِهَا الْمَرْدُودَةِ إلَيْهَا وَمُتَحَيِّرَةٍ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ فِي الْحَالِ، وَقِيلَ بَعْدَ الْيَأْسِ وَأُمِّ وَلَدٍ وَمُكَاتَبَةٍ وَمَنْ فِيهَا رِقٌّ بِقُرْأَيْنِ، وَإِنْ عَتَقَتْ فِي عِدَّةِ رَجْعَةٍ كَمَّلَتْ عِدَّةَ حُرَّةٍ فِي الْأَظْهَرِ، أَوْ بَيْنُونَةٍ فَأَمَةٍ فِي الْأَظْهَرِ، وَحُرَّةٍ لَمْ تَحِضْ أَوْ يَئِسَتْ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ، فَإِنْ طَلُقَتْ فِي أَثْنَاءِ شَهْرٍ فَبَعْدَهُ هِلَالَانِ وَتُكَمِّلُ الْمُنْكَسِرَ ثَلَاثِينَ، فَإِنْ حَاضَتْ فِيهَا وَجَبَتْ الْأَقْرَاءُ، وَأَمَةٍ بِشَهْرٍ وَنِصْفٍ، وَفِي قَوْلٍ شَهْرَانِ، وَفِي قَوْلٍ ثَلَاثَةٌ، وَمَنْ انْقَطَعَ دَمُهَا لِعِلَّةٍ كَرَضَاعٍ وَمَرَضٍ تَصْبِرُ حَتَّى تَحِيضَ أَوْ تَيْأَسَ فَبِالْأَشْهُرِ، أَوْ لَا لِعِلَّةٍ فَكَذَا فِي الْجَدِيدِ، وَفِي الْقَدِيمِ تَتَرَبَّصُ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ، وَفِي قَوْلٍ أَرْبَعَ سِنِينَ ثُمَّ تَعْتَدُّ بِالْأَشْهُرِ، فَعَلَى الْجَدِيدِ لَوْ حَاضَتْ بَعْدَ الْيَأْسِ فِي الْأَشْهُرِ وَجَبَتْ الْأَقْرَاءُ، أَوْ بَعْدَهَا فَأَقْوَالٌ أَظْهَرُهَا إنْ نُكِحَتْ فَلَا شَيْءَ وَإِلَّا فَالْأَقْرَاءُ، وَالْمُعْتَبَرُ يَأْسُ عَشِيرَتِهَا، وَفِي قَوْلٍ‏:‏ كُلُّ النِّسَاءِ قُلْت‏:‏ ذَا الْقَوْلُ أَظْهَرُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

فصل ‏[‏في العدة بوضع الحمل‏]‏

عِدَّةُ الْحَامِلِ بِوَضْعِهِ بِشَرْطِ نِسْبَتِهِ إلَى ذِي الْعِدَّةِ وَلَوْ احْتِمَالاً كَمَنْفِيٍّ بِلِعَانٍ وَانْفِصَالِ كُلِّهِ حَتَّى ثَانِي تَوْأَمَيْنِ وَمَتَى تَخَلَّلَ دُونَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَتَوْأَمَانِ وَتَنْقَضِي بِمَيِّتٍ لَا عَلَقَةٍ، وَبِمُضْغَةٍ فِيهَا صُورَةُ آدَمِيٍّ خَفِيَّةٌ أَخْبَرَ بِهَا الْقَوَابِلُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ صُورَةٌ وَقُلْنَ‏:‏ هِيَ أَصْلُ آدَمِيٍّ انْقَضَتْ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَلَوْ ظَهَرَ فِي عِدَّةِ أَقْرَاءٍ أَوْ أَشْهُرٍ حَمْلٌ لِلزَّوْجِ اعْتَدَّتْ بِوَضْعِهِ، وَلَوْ ارْتَابَتْ فِيهَا لَمْ تَنْكِحْ حَتَّى تَزُولَ الرِّيبَةُ، أَوْ بَعْدَهَا وَبَعْدَ نِكَاحٍ اسْتَمَرَّ إلَّا أَنْ تَلِدَ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ عَقْدِهِ أَوْ بَعْدَهَا قَبْلَ نِكَاحٍ فَلْتَصْبِرْ لِتَزُولَ الرِّيبَةُ، فَإِنْ نَكَحَتْ فَالْمَذْهَبُ عَدَمُ إبْطَالِهِ فِي الْحَالِ، فَإِنْ عُلِمَ مُقْتَضِيه أَبْطَلْنَاهُ، وَلَوْ أَبَانَهَا فَوَلَدَتْ لِأَرْبَعِ سِنِينَ لَحِقَهُ، أَوْ لِأَكْثَرَ فَلَا‏.‏

وَلَوْ طَلَّقَ رَجْعِيًّا حُسِبَتْ الْمُدَّةُ مِنْ الطَّلَاقِ، وَفِي قَوْلٍ مِنْ انْصِرَامِ الْعِدَّةِ وَلَوْ نَكَحَتْ بَعْدَ الْعِدَّةِ فَوَلَدَتْ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَكَأَنَّهَا لَمْ تَنْكِحْ، وَإِنْ كَانَ لِسِتَّةٍ فَالْوَلَدُ لِلثَّانِي وَلَوْ نَكَحَتْ فِي الْعِدَّةِ فَاسِدًا فَوَلَدَتْ لِلْإِمْكَانِ مِنْ الْأَوَّلِ لَحِقَهُ وَانْقَضَتْ بِوَضْعِهِ ثُمَّ تَعْتَدُّ لِلثَّانِي أَوْ بَلْ إمْكَانٌ مِنْ الثَّانِي لَحِقَهُ أَوْ مِنْهُمَا عُرِضَ عَلَى قَائِفٍ، فَإِنْ أَلْحَقَهُ بِأَحَدِهِمَا فَكَالْإِمْكَانِ مِنْهُ فَقَطْ‏.‏

فصل ‏[‏في تداخل العدتين‏]‏

لَزِمَهَا عِدَّتَا شَخْصٍ مِنْ جِنْسٍ؛ بِأَنْ طَلَّقَ ثُمَّ وَطِئَ فِي عِدَّةِ أَقْرَاءٍ أَوْ أَشْهُرٍ جَاهِلاً أَوْ عَالِمًا فِي رَجْعِيَّةٍ تَدَاخَلَتَا فَتَبْتَدِئُ عِدَّةً مِنْ الْوَطْءِ وَيَدْخُلُ فِيهَا بَقِيَّةُ عِدَّةِ الطَّلَاقِ، فَإِنْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا حَمْلاً وَالْأُخْرَى أَقْرَاءً تَدَاخَلَتَا فِي الْأَصَحِّ، فَتَنْقَضِيَانِ بِوَضْعِهِ، وَيُرَاجِعُ قَبْلَهُ، وَقِيلَ إنْ كَانَ الْحَمْلُ مِنْ الْوَطْءِ فَلَا، أَوْ لِشَخْصَيْنِ بِأَنْ كَانَتْ فِي عِدَّةِ زَوْجٍ، أَوْ شُبْهَةٍ فَوُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ أَوْ كَانَتْ زَوْجَةً مُعْتَدَّةً عَنْ شُبْهَةٍ فَطَلُقَتْ فَلَا تَدَاخُلَ فَإِنْ كَانَ حَمْلٌ قُدِّمَتْ عِدَّتُهُ وَإِلَّا فَإِنْ سَبَقَ الطَّلَاقُ أَتَمَّتْ عِدَّتَهُ ثُمَّ اسْتَأْنَفَتْ الْأُخْرَى، وَلَهُ الرَّجْعَةُ فِي عِدَّتِهِ فَإِذَا رَاجَعَ انْقَضَتْ وَشَرَعَتْ فِي عِدَّةِ الشُّبْهَةِ، وَلَا يَسْتَمْتِعُ بِهَا حَتَّى تَقْضِيَهَا، وَإِنْ سَبَقَتْ الشُّبْهَةُ قُدِّمَتْ عِدَّةُ الطَّلَاقِ وَقِيلَ الشُّبْهَةِ‏.‏

فصل ‏[‏في حكم معاشرة المفارق للمعتدة‏]‏

عَاشَرَهَا كَزَوْجٍ بِلَا وَطْءٍ فِي عِدَّةِ أَقْرَاءٍ أَوْ أَشْهُرٍ، فَأَوْجُهٌ‏:‏ أَصَحُّهَا إنْ كَانَتْ بَائِنًا انْقَضَتْ وَإِلَّا فَلَا، وَلَا رَجْعَةَ بَعْدَ الْأَقْرَاءِ وَالْأَشْهُرِ قُلْت‏:‏ وَيَلْحَقُهَا الطَّلَاقُ إلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، وَلَوْ عَاشَرَهَا أَجْنَبِيٌّ انْقَضَتْ وَاَللَّه أَعْلَمُ وَلَوْ نَكَحَ مُعْتَدَّةً بِظَنِّ الصِّحَّةِ وَوَطِئَ انْقَطَعَتْ مِنْ حِينِ وَطِئَ، وَفِي قَوْلٍ أَوْ وَجْهٍ مِنْ الْعَقْدِ وَلَوْ رَاجَعَ حَائِلاً ثُمَّ طَلَّقَ اسْتَأْنَفَتْ، وَفِي الْقَدِيمِ تَبْنِي إنْ لَمْ يَطَأْ، أَوْ حَامِلاً فَبِالْوَضْعِ فَلَوْ وَضَعَتْ ثُمَّ طَلَّقَ اسْتَأْنَفَتْ، وَقِيلَ إنْ لَمْ يَطَأْ بَعْدَ الْوَضْعِ فَلَا عِدَّةَ وَلَوْ خَالَعَ مَوْطُوءَةً ثُمَّ نَكَحَهَا ثُمَّ وَطِئَ ثُمَّ طَلَّقَ اسْتَأْنَفَتْ وَدَخَلَ فِيهَا الْبَقِيَّةَ‏.‏

فصل ‏[‏في الضرب الثاني من ضربي عدة النكاح‏]‏

عِدَّةُ حُرَّةٍ حَائِلٍ لِوَفَاةٍ وَإِنْ لَمْ تُوطَأْ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشَرَةَ أَيَّامٍ بِلَيَالِيِهَا، وَأَمَةٍ نِصْفُهَا وَإِنْ مَاتَ عَنْ رَجْعِيَّةٍ انْتَقَلَتْ إلَى وَفَاةٍ أَوْ بَائِنٍ فَلَا، وَحَامِلٍ بِوَضْعِهِ بِشَرْطِهِ السَّابِقِ فَلَوْ مَاتَ صَبِيٌّ عَنْ حَامِلٍ فَبِالْأَشْهُرِ، وَكَذَا مَمْسُوحٌ إذْ لَا يَلْحَقُهُ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَيَلْحَقُ مَجْبُوبًا بَقِيَ أُنْثَيَاهُ فَتَعْتَدُّ بِهِ، وَكَذَا مَسْلُولٌ بَقِيَ ذَكَرُهُ بِهِ عَلَى الْمَذْهَبِ وَلَوْ طَلَّقَ إحْدَى امْرَأَتَيْهِ وَمَاتَ قَبْلَ بَيَانٍ أَوْ تَعْيِينٍ فَإِنْ كَانَ لَمْ يَطَأْ اعْتَدَّتَا لِوَفَاةٍ، وَكَذَا إنْ وَطِئَ وَهُمَا ذَوَاتَا أَشْهُرٍ أَوْ أَقْرَاءٍ، وَالطَّلَاقُ رَجْعِيٌّ فَإِنْ كَانَ بَائِنًا اعْتَدَّتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ بِالْأَكْثَرِ مِنْ عِدَّةِ وَفَاةٍ وَثَلَاثَةٍ مِنْ أَقْرَائِهَا، وَعِدَّةُ الْوَفَاةِ مِنْ الْمَوْتِ، وَالْأَقْرَاءُ مِنْ الطَّلَاقِ وَمَنْ غَابَ وَانْقَطَعَ خَبَرُهُ لَيْسَ لِزَوْجَتِهِ نِكَاحٌ حَتَّى يُتَيَقَّنَ مَوْتُهُ أَوْ طَلَاقُهُ، وَفِي الْقَدِيمِ تَرَبَّصُ أَرْبَعَ سِنِينَ ثُمَّ تَعْتَدُّ لِوَفَاةٍ وَتَنْكِحُ، فَلَوْ حَكَمَ بِالْقَدِيمِ قَاضٍ نُقِضَ عَلَى الْجَدِيدِ فِي الْأَصَحِّ، وَلَوْ نَكَحَتْ بَعْدَ التَّرَبُّصِ وَالْعِدَّةِ فَبَانَ مَيِّتًا صَحَّ عَلَى الْجَدِيدِ فِي الْأَصَحِّ وَيَجِبُ الْإِحْدَادُ عَلَى مُعْتَدَّةِ وَفَاةٍ، لَا رَجْعِيَّةٍ، وَيُسْتَحَبُّ لِبَائِنٍ، وَفِي قَوْلٍ يَجِبُ، وَهُوَ تَرْكُ لُبْسِ مَصْبُوغٍ لِزِينَةٍ وَإِنْ خَشُنَ، وَقِيلَ يَحِلُّ مَا صُبِغَ غَزْلُهُ ثُمَّ نُسِجَ، وَيُبَاحُ غَيْرُ مَصْبُوغٍ مِنْ قُطْنٍ وَصُوفٍ وَكَتَّانٍ، وَكَذَا إبْرَيْسَمٌ فِي الْأَصَحِّ، وَمَصْبُوغٌ لَا يُقْصَدُ لِزِينَةٍ، وَيَحْرُمُ حُلِيُّ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ وَكَذَا لُؤْلُؤٌ فِي الْأَصَحِّ، وَطِيبٌ فِي بَدَنٍ وَثَوْبٍ وَطَعَامٍ وَكُحْلٍ، وَاكْتِحَالٌ بِإِثْمِدٍ إلَّا لِحَاجَةٍ كَرَمَدٍ، وَإِسْفِيذَاجٍ وَدُمَامٍ، وَخِضَابِ حِنَّاءٍ، وَنَحْوِهِ، وَيَحِلُّ تَجْمِيلُ فِرَاشٍ وَأَثَاثٍ، وَتَنْظِيفٌ بِغَسْلِ نَحْوِ رَأْسٍ وَقَلْمٍ وَإِزَالَةِ وَسَخٍ قُلْت‏:‏ وَيَحِلُّ امْتِشَاطٌ وَحَمَّامٌ إنْ لَمْ يَكُنْ خُرُوجٌ مُحَرَّمٌ، وَلَوْ تَرَكَتْ الْإِحْدَادَ عَصَتْ وَانْقَضَتْ الْعِدَّةُ كَمَا لَوْ فَارَقَتْ الْمَسْكَنَ، وَلَوْ بَلَغَتْهَا الْوَفَاةُ بَعْدَ الْمُدَّةِ كَانَتْ مُنْقَضِيَةً، وَلَهَا إحْدَادٌ عَلَى غَيْرِ زَوْجٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَتَحْرُمُ الزِّيَادَةُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

فصل ‏[‏في سكنى المعتدة وملازمتها مسكن فراقها‏]‏

تَجِبُ سُكْنَى لِمُعْتَدَّةِ طَلَاقٍ وَلَوْ بَائِنٍ، إلَّا نَاشِزَةً وَلِمُعْتَدَّةِ وَفَاةٍ فِي الْأَظْهَرِ وَفَسْخٌ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَتُسَكَّنُ فِي مَسْكَنٍ كَانَتْ فِيهِ عِنْدَ الْفُرْقَةِ، وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ وَغَيْرِهِ إخْرَاجُهَا، وَلَا لَهَا خُرُوجٌ قُلْت‏:‏ وَلَهَا الْخُرُوجُ فِي عِدَّةِ وَفَاةٍ، وَكَذَا بَائِنٌ فِي النَّهَارِ لِشِرَاءِ طَعَامٍ وَغَزْلٍ وَنَحْوِهِ، وَكَذَا لَيْلاً إلَى دَارِ جَارَةٍ لِغَزْلٍ وَحَدِيثٍ وَنَحْوِهِمَا بِشَرْطِ أَنْ تَرْجِعَ وَتَبِيتَ فِي بَيْتِهَا وَتَنْتَقِلُ مِنْ الْمَسْكَنِ لِخَوْفٍ مِنْ هَدْمٍ أَوْ غَرَقٍ أَوْ عَلَى نَفْسِهَا، أَوْ تَأَذَّتْ بِالْجِيرَانِ، أَوْ هَمَّ بِهَا أَذًى شَدِيدًا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَلَوْ انْتَقَلَتْ إلَى مَسْكَنٍ بِإِذْنِ الزَّوْجِ فَوَجَبَتْ الْعِدَّةُ قَبْلَ وُصُولِهَا إلَيْهِ اعْتَدَّتْ فِيهِ عَلَى النَّصِّ أَوْ بِغَيْرِ إذْنٍ فَفِي الْأَوَّلِ، وَكَذَا لَوْ أَذِنَ ثُمَّ وَجَبَتْ قَبْلَ الْخُرُوجِ، وَلَوْ أَذِنَ فِي الِانْتِقَالِ إلَى بَلَدٍ فَكَمَسْكَنٍ، أَوْ فِي سَفَرِ حَجٍّ أَوْ تِجَارَةٍ ثُمَّ وَجَبَتْ فِي الطَّرِيقِ فَلَهَا الرُّجُوعُ وَالْمُضِيُّ، فَإِنْ مَضَتْ أَقَامَتْ لِقَضَاءِ حَاجَتِهَا ثُمَّ يَجِبُ الرُّجُوعُ لِتَعْتَدَّ الْبَقِيَّةَ فِي الْمَسْكَنِ وَلَوْ خَرَجَتْ إلَى غَيْرِ الدَّارِ الْمَأْلُوفَةِ فَطَلَّقَ وَقَالَ مَا أَذِنْت فِي الْخُرُوجِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ، وَلَوْ قَالَتْ‏:‏ نَقَلْتَنِي فَقَالَ بَلْ أَذِنْت لِحَاجَةٍ صُدِّقَ عَلَى الْمَذْهَبِ وَمَنْزِلُ بَدَوِيَّةٍ وَبَيْتُهَا مِنْ شَعْرٍ كَمَنْزِلِ حَضَرِيَّةٍ وَإِذَا كَانَ الْمَسْكَنُ لَهُ وَيَلِيقُ بِهَا تَعَيَّنَ وَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ إلَّا فِي عِدَّةِ ذَاتِ أَشْهُرٍ فَكَمُسْتَأْجَرٍ، وَقِيلَ بَاطِلٌ، أَوْ مُسْتَعَارًا لَزِمَتْهَا فِيهِ، فَإِنْ رَجَعَ الْمُعِيرُ وَلَمْ يَرْضَ بِأُجْرَةٍ نُقِلَتْ، وَكَذَا مُسْتَأْجَرٌ انْقَضَتْ مُدَّتُهُ، أَوْ لَهَا اسْتَمَرَّتْ وَطَلَبَتْ الْأُجْرَةَ فَإِنْ كَانَ مَسْكَنُ النِّكَاحِ نَفِيسًا فَلَهُ النَّقْلُ إلَى لَائِقٍ بِهَا، أَوْ خَسِيسًا، فَلَهَا الِامْتِنَاعُ، وَلَيْسَ لَهُ مُسَاكَنَتِهَا وَلَا مُدَاخَلَتِهَا، فَإِنْ كَانَ فِي الدَّارِ مَحْرَمٌ لَهَا مُمَيِّزٌ ذَكَرٌ أَوْ لَهُ أُنْثَى أَوْ زَوْجَةٌ أُخْرَى، أَوْ أَمَةٌ، أَوْ امْرَأَةٌ أَجْنَبِيَّةٌ جَازَ وَلَوْ كَانَ فِي الدَّارِ حُجْرَةٌ فَسَكَنَهَا أَحَدُهُمَا وَالْآخَرُ الْأُخْرَى فَإِنْ اتَّحَدَتْ الْمَرَافِقُ كَمَطْبَخٍ وَمُسْتَرَاحٍ اُشْتُرِطَ مَحْرَمٌ، وَإِلَّا فَلَا، وَيَنْبَغِي أَنْ يُغْلَقَ مَا بَيْنَهُمَا مِنْ باب، وَأَنْ لَا يَكُونَ مَمَرُّ إحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى، وَسُفْلٌ وَعُلُوٌّ كَدَارٍ وَحُجْرَةٍ

باب الِاسْتِبْرَاءِ

يَجِبُ بِسَبَبَيْنِ‏:‏ أَحَدُهُمَا مِلْكُ أَمَةٍ بِشِرَاءٍ أَوْ إرْثٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ سَبْيٍ أَوْ رَدٍّ بِعَيْبٍ، أَوْ تَحَالُفٍ أَوْ إقَالَةٍ وَسَوَاءٌ بِكْرٌ، وَمَنْ اسْتَبْرَأَهَا الْبَائِعُ قَبْلَ الْبَيْعِ وَمُنْتَقِلَةٌ مِنْ صَبِيٍّ وَامْرَأَةٍ وَغَيْرُهَا وَيَجِبُ فِي مُكَاتَبَةٍ عُجِّزَتْ وَكَذَا مُرْتَدَّةٌ فِي الْأَصَحِّ لَا مَنْ خَلَتْ مِنْ صَوْمٍ وَاعْتِكَافٍ وَإِحْرَامٍ، وَفِي الْإِحْرَامِ وَجْهٌ وَلَوْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ اُسْتُحِبَّ، وَقِيلَ يَجِبُ وَلَوْ مَلَكَ مُزَوَّجَةً أَوْ مُعْتَدَّةً لَمْ يَجِبْ، فَإِنْ زَالَا وَجَبَ فِي الْأَظْهَرِ الثَّانِي‏:‏ زَوَالُ فِرَاشٍ عَنْ أَمَةٍ مَوْطُوءَةٍ أَوْ مُسْتَوْلَدَةٍ بِعِتْقٍ أَوْ مَوْتِ السَّيِّدِ وَلَوْ مَضَتْ مُدَّةُ اسْتِبْرَاءٍ عَلَى مُسْتَوْلِدَةٍ ثُمَّ أَعْتَقَهَا أَوْ مَاتَ وَجَبَ فِي الْأَصَحِّ قُلْت‏:‏ وَلَوْ اسْتَبْرَأَ أَمَةً مَوْطُوءَةً فَأَعْتَقَهَا لَمْ يَجِبْ وَتَتَزَوَّجُ فِي الْحَالِ إذْ لَا تُشْبِهُ مَنْكُوحَةٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَيَحْرُمُ تَزْوِيجُ أَمَةٍ مَوْطُوءَةٍ وَمُسْتَوْلَدَةٍ قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ لِئَلَّا يَخْتَلِطَ الْمَاءَانِ وَلَوْ أَعْتَقَ مُسْتَوْلَدَتَهُ فَلَهُ نِكَاحُهَا بِلَا اسْتِبْرَاءٍ فِي الْأَصَحِّ، وَلَوْ أَعْتَقَهَا أَوْ مَاتَ، وَهِيَ مُزَوَّجَةٌ فَلَا اسْتِبْرَاءَ وَهُوَ بِقَرْءٍ، وَهُوَ حَيْضَةٌ كَامِلَةٌ فِي الْجَدِيدِ وَذَاتُ أَشْهُرٍ بِشَهْرٍ، وَفِي قَوْلٍ بِثَلَاثَةٍ، وَحَامِلٌ مَسْبِيَّةٌ أَوْ زَالَ عَنْهَا فِرَاشُ سَيِّدٍ بِوَضْعِهِ، وَإِنْ مُلِكَتْ بِشِرَاءٍ فَقَدْ سَبَقَ أَنْ لَا اسْتِبْرَاءَ فِي الْحَالِ قُلْت‏:‏ يَحْصُلُ الِاسْتِبْرَاءُ بِوَضْعِ حَمْلِ زِنًا فِي الْأَصَحِّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَلَوْ مَضَى زَمَنُ اسْتِبْرَاءٍ بَعْدَ الْمِلْكِ وَقَبْلَ الْقَبْضِ حُسِبَ إنْ مَلَكَ بِإِرْثٍ وَكَذَا شِرَاءٍ فِي الْأَصَحِّ، لَا هِبَةٍ وَلَوْ اشْتَرَى مَجُوسِيَّةً فَحَاضَتْ ثُمَّ أَسْلَمَتْ لَمْ يَكْفِ وَيَحْرُمُ الِاسْتِمْتَاعُ بِالْمُسْتَبْرَأَةِ إلَّا مَسْبِيَّةً فَيَحِلُّ غَيْرُ وَطْءٍ وَقِيلَ لَا وَإِذَا قَالَتْ‏:‏ حِضْت صُدِّقَتْ، وَلَوْ مَنَعَتْ السَّيِّدَ فَقَالَ‏:‏ أَخْبَرْتنِي بِتَمَامِ الِاسْتِبْرَاءِ صُدِّقَ وَلَا تَصِيرُ أَمَةٌ فِرَاشًا إلَّا بِوَطْءٍ، فَإِذَا وَلَدَتْ لِلْإِمْكَانِ مِنْ وَطْئِهِ لَحِقَهُ وَلَوْ أَقَرَّ بِوَطْءٍ وَنَفَى الْوَلَدَ وَادَّعَى اسْتِبْرَاءً لَمْ يَلْحَقْهُ عَلَى الْمَذْهَبِ، فَإِنْ أَنْكَرَتْ الِاسْتِبْرَاءَ خُلِّفَ أَنَّ الْوَلَدَ لَيْسَ مِنْهُ، وَقِيلَ‏:‏ يَجِبُ تَعَرُّضُهُ لِلِاسْتِبْرَاءِ وَلَوْ ادَّعَتْ اسْتِيلَادًا فَأَنْكَرَ أَصْلَ الْوَطْءِ، وَهُنَاكَ وَلَدٌ لَمْ يُحَلَّفْ عَلَى الصَّحِيحِ وَلَوْ قَالَ‏:‏ وَطِئْتهَا وَعَزَلْت لَحِقَهُ فِي الْأَصَحِّ

كتاب الرَّضَاعِ

بِلَبَنِ امْرَأَةٍ حَيَّةٍ بَلَغَتْ تِسْعَ سِنِينَ، وَلَوْ حَلَبَتْ فَأُوجِرَ بَعْدَ مَوْتِهَا حَرَّمَ فِي الْأَصَحِّ وَلَوْ جُبِّنَ أَوْ نُزِعَ مِنْهُ زُبْدٌ حَرَّمَ، وَلَوْ خُلِطَ بِمَائِعٍ حَرَّمَ إنْ غَلَبَ فَإِنْ غُلِبَ وَشَرِبَ الْكُلَّ قِيلَ أَوْ الْبَعْضَ حَرَّمَ فِي الْأَظْهَرِ، وَيُحَرِّمُ إيجَارٌ وَكَذَا إسْعَاطٌ عَلَى الْمَذْهَبِ، لَا حُقْنَةٌ فِي الْأَظْهَرِ وَشَرْطُهُ‏:‏ رَضِيعٌ حَيٌّ لَمْ يَبْلُغْ سَنَتَيْنِ تَنْبِيهٌ‏:‏ ابْتِدَاءُ الْحَوْلَيْنِ مِنْ تَمَامِ انْفِصَالِ الرَّضِيعِ كَمَا فِي نَظَائِرِهِ، فَإِنْ ارْتَضَعَ قَبْلَ تَمَامِهِ خَمْسَ رَضَعَاتٍ، وَضَبْطُهُنَّ بِالْعُرْفِ فَلَوْ قَطَعَ إعْرَاضًا تَعَدَّدَ، أَوْ لِلَّهْوِ وَعَادَ فِي الْحَالِ أَوْ تَحَوَّلَ مِنْ ثَدْيٍ إلَى ثَدْيٍ فَلَا‏.‏

وَلَوْ حَلَبَ مِنْهَا دَفْعَةً وَأَوْجَرَهُ خَمْسًا أَوْ عَكْسُهُ فَرَضْعَةٌ، وَفِي قَوْلٍ خَمْسٌ وَلَوْ شُكَّ هَلْ خَمْسًا أَمْ أَقَلَّ، أَوْ هَلْ رَضَعَ فِي حَوْلَيْنِ أَمْ بَعْدُ‏؟‏ فَلَا تَحْرِيمَ، وَفِي الثَّانِيَة قَوْلٌ، أَوْ وَجْهٌ، وَتَصِير الْمُرْضِعَةُ أُمَّهُ، وَاَلَّذِي مِنْهُ اللَّبَنُ أَبَاهُ، وَتَسْرِي الْحُرْمَةُ إلَى أَوْلَادِهِ، وَلَوْ كَانَ لِرَجُلٍ خَمْسٌ مُسْتَوْلِدَاتٍ أَوْ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ وَأُمُّ وَلَدٍ فَرَضَعَ طِفْلٌ مِنْ كُلٍّ رَضْعَةً صَارَ ابْنَهُ فِي الْأَصَحِّ فَيَحْرُمْنَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُنَّ مَوْطُوآتُ أَبِيهِ، وَلَوْ كَانَ بَدَلَ الْمُسْتَوْلَدَاتِ بَنَاتٌ أَوْ أَخَوَاتٌ فَلَا حُرْمَةَ فِي الْأَصَحِّ وَآبَاءُ الْمُرْضِعَةِ مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَجْدَادٌ لِلرَّضِيعِ، وَأُمَّهَاتُهَا جَدَّاتُهُ، وَأَوْلَادُهَا مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ إخْوَتُهُ وَأَخَوَاتُهُ وَإِخْوَتُهَا وَأَخَوَاتُهَا أَخْوَالُهُ وَخَالَاتُهُ، وَأَبُو اللَّبَنِ جَدُّهُ، وَأَخُوهُ عَمُّهُ وَكَذَا الْبَاقِي، وَاللَّبَنُ لِمَنْ نُسِبَ إلَيْهِ وَلَدٌ نَزَلَ بِهِ بِنِكَاحٍ أَوْ وَطْءِ شُبْهَةٍ لَا زِنًا، وَلَوْ نَفَاهُ بِلِعَانٍ انْتَفَى اللَّبَنُ عَنْهُ وَلَوْ وَطِئْت مَنْكُوحَةً بِشُبْهَةٍ، أَوْ وَطِئَ اثْنَانِ بِشُبْهَةٍ فَوَلَدَتْ فَاللَّبَنُ لِمَنْ لَحِقَهُ الْوَلَدُ بِقَائِفٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَلَا تَنْقَطِعُ نِسْبَةُ اللَّبَنِ عَنْ زَوْجٍ مَاتَ أَوْ طَلَّقَ، وَإِنْ طَالَتْ الْمُدَّةُ أَوْ انْقَطَعَ وَعَادَ فَإِنْ نَكَحَتْ آخَرَ وَوَلَدَتْ مِنْهُ فَاللَّبَنُ بَعْدَ الْوِلَادَةِ لَهُ وَقَبْلَهَا لِلْأَوَّلِ إنْ لَمْ يَدْخُلْ وَقْتَ ظُهُورِ لَبَنِ حَمْلِ الثَّانِي، وَكَذَا إنْ دَخَلَ، وَفِي قَوْلٍ لِلثَّانِي وَفِي قَوْلٍ لَهُمَا‏.‏

فصل ‏[‏في حكم الرضاع الطارئ على النكاح تحريما وغرما‏]‏

تَحْتَهُ صَغِيرَةٌ فَأَرْضَعَتْهَا أُمُّهُ أَوْ أُخْتُهُ أَوْ زَوْجَةٌ أُخْرَى انْفَسَخَ نِكَاحُهُ، وَلِلصَّغِيرَةِ نِصْفُ مَهْرِهَا، وَلَهُ عَلَى الْمُرْضِعَةِ نِصْفُ مَهْرِ مِثْلٍ، وَفِي قَوْلٍ كُلُّهُ وَلَوْ رَضَعَتْ مِنْ نَائِمَةٍ فَلَا غُرْمَ وَلَا مَهْرَ لِلْمُرْتَضِعَةِ‏.‏

وَلَوْ كَانَ تَحْتَهُ كَبِيرَةٌ وَصَغِيرَةٌ فَأَرْضَعَتْ أُمُّ الْكَبِيرَةِ الصَّغِيرَةَ انْفَسَخَتْ الصَّغِيرَةُ وَكَذَا الْكَبِيرَةُ فِي الْأَظْهَرِ، وَلَهُ نِكَاحُ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا وَحُكْمُ مَهْرِ الصَّغِيرَةِ وَتَغْرِيمُهُ الْمُرْضِعَةَ مَا سَبَقَ، وَكَذَا الْكَبِيرَةُ إنْ لَمْ تَكُنْ مَوْطُوءَةً فَإِنْ كَانَتْ مَوْطُوءَةً فَلَهُ عَلَى الْمُرْضِعَةِ مَهْرُ مِثْلٍ فِي الْأَظْهَرِ وَلَوْ أَرْضَعَتْ بِنْتُ الْكَبِيرَةِ الصَّغِيرَةَ حُرِّمَتْ الْكَبِيرَةُ أَبَدًا وَكَذَا الصَّغِيرَةُ إنْ كَانَتْ الْكَبِيرَةُ مَوْطُوءَةً وَلَوْ كَانَ تَحْتَهُ صَغِيرَةٌ فَطَلَّقَهَا فَأَرْضَعَتْهَا امْرَأَةٌ صَارَتْ أُمَّ امْرَأَتِهِ، وَلَوْ نَكَحَتْ مُطَلَّقَتُهُ صَغِيرًا وَأَرْضَعَتْهُ بِلَبَنِهِ حُرِّمَتْ عَلَى الْمُطَلِّقِ وَالصَّغِيرِ أَبَدًا وَلَوْ زَوَّجَ أُمَّ وَلَدِهِ عَبْدَهُ الصَّغِيرَ فَأَرْضَعَتْهُ لَبَنَ السَّيِّدِ حُرِّمَتْ عَلَيْهِ وَعَلَى السَّيِّدِ، وَلَوْ أَرْضَعَتْ مَوْطُوءَتُهُ الْأَمَةُ صَغِيرَةً تَحْتَهُ بِلَبَنِهِ أَوْ لَبَنِ غَيْرِهِ حُرِّمَتَا عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَ تَحْتَهُ صَغِيرَةٌ وَكَبِيرَةٌ فَأَرْضَعَتْهَا انْفَسَخَتَا وَحَرُمَتْ الْكَبِيرَةُ أَبَدًا وَكَذَا الصَّغِيرَةُ إنْ كَانَ الْإِرْضَاعُ بِلَبَنِهِ، وَإِلَّا فَرَبِيبَةٌ وَلَوْ كَانَ كَبِيرَةٌ وَثَلَاثٌ صَغَائِرُ فَأَرْضَعَتْهُنَّ حَرُمَتْ أَبَدًا، وَكَذَا الصَّغَائِرُ إنْ أَرْضَعَتْهُنَّ بِلَبَنِهِ أَوْ لَبَنِ غَيْرِهِ وَهِيَ مَوْطُوءَةٌ، وَإِلَّا فَإِنْ أَرْضَعَتْهُنَّ مَعًا بِإِيجَارِهِنَّ الْخَامِسَةَ انْفَسَخْنَ، وَلَا يَحْرُمْنَ مُؤَبَّدًا، أَوْ مُرَتَّبًا لَمْ يَحْرُمْنَ، وَتَنْفَسِخُ الْأُولَى وَالثَّالِثَةُ، وَتَنْفَسِخُ الثَّانِيَةُ بِإِرْضَاعِ الثَّالِثَةِ، وَفِي قَوْلٍ لَا يَنْفَسِخُ، وَيَجْرِي الْقَوْلَانِ فِيمَنْ تَحْتَهُ صَغِيرَتَانِ أَرْضَعَتْهُمَا أَجْنَبِيَّةٌ مُرَتَّبًا أَيَنْفَسِخَانِ أَمْ الثَّانِيَةَ‏؟‏

فصل ‏[‏في الإقرار والشهادة بالرضاع والاختلاف فيه‏]‏

قَالَ‏:‏ هِنْدٌ بِنْتِي أَوْ أُخْتِي بِرَضَاعٍ، أَوْ قَالَتْ هُوَ أَخِي حَرُمَ تَنَاكُحُهُمَا‏.‏

وَلَوْ قَالَ زَوْجَانِ‏:‏ بَيْنَنَا رَضَاعٌ، مُحَرِّمٌ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا وَسَقَطَ الْمُسَمَّى وَوَجَبَ مَهْرُ مِثْلٍ إنْ وَطِئَ وَإِنْ ادَّعَى رَضَاعًا فَأَنْكَرَتْ انْفَسَخَ، وَلَهَا الْمُسَمَّى إنْ وَطِئَ وَإِلَّا فَنِصْفُهُ، وَإِنْ ادَّعَتْهُ فَأَنْكَرَ صَدَقَ بِيَمِينِهِ إنْ زُوِّجَتْ بِرِضَاهَا وَإِلَّا فَالْأَصَحُّ تَصْدِيقُهَا وَمَهْرُ مِثْلٍ إنْ وَطِئَ، وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهَا وَيُحَلَّفُ مُنْكِرُ رَضَاعٍ عَلَى نَفْيِ عِلْمِهِ، وَمُدَّعِيهِ عَلَى بَتٍّ، وَيَثْبُتُ بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ أَوْ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ، وَبِأَرْبَعِ نِسْوَةٍ، وَالْإِقْرَارُ بِهِ شَرْطُهُ رَجُلَانِ وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمُرْضِعَةِ إنْ لَمْ تَطْلُبْ أُجْرَةً، وَلَا ذَكَرَتْ فِعْلَهَا، وَكَذَا إنْ ذَكَرَتْ فَقَالَتْ‏:‏ أَرْضَعْتُهُ فِي الْأَصَحِّ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَكْفِي بَيْنَهُمَا رَضَاعٌ مُحَرِّمٌ، بَلْ يَجِبُ ذِكْرُ وَقْتٍ وَعَدَدٍ وَوُصُولِ اللَّبَنِ جَوْفَهُ، وَيُعْرَفُ ذَلِكَ بِمُشَاهَدَةِ حُلَبِ وَإِيجَارٍ وَازْدِرَادٍ أَوْ قَرَائِنَ كَالْتِقَامِ ثَدْيٍ وَمَصِّهِ وَحَرَكَةِ حَلْقِهِ بِتَجَرُّعٍ وَازْدِرَادٍ بَعْدَ عِلْمِهِ بِأَنَّهَا لَبُونٌ خَاتِمَةٌ‏:‏ لَوْ شَهِدَ الشَّاهِدُ بِالرَّضَاعِ وَمَاتَ قَبْلَ تَفْصِيلِ شَهَادَتِهِ تَوَقَّفَ الْقَاضِي وُجُوبًا فِي أَحَدِ وَجْهَيْنِ هُوَ الْمُتَّجَهُ، وَقَالَ شَيْخُنَا‏:‏ إنَّهُ الْأَقْرَبُ، وَالْإِقْرَارُ بِالرَّضَاعِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّعَرُّضُ لِلشُّرُوطِ مِنْ الْفَقِيهِ الْمَوْثُوقِ بِمَعْرِفَتِهِ دُونَ غَيْرِهِ كَمَا اسْتَحْسَنَهُ الرَّافِعِيُّ، وَفَرَّقَ بَيْنَ الشَّهَادَةِ وَالْإِقْرَارِ بِأَنَّ الْمُقِرَّ يَحْتَاطُ لِنَفْسِهِ فَلَا يُقِرُّ إلَّا عَنْ تَحْقِيقٍ، وَلَوْ شَهِدَتْ امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ أَوْ اثْنَتَانِ بِالرَّضَاعِ اُسْتُحِبَّ لِلزَّوْجِ أَنْ يُطَلِّقَهَا وَيُكْرَهُ لَهُ الْمُقَامُ مَعَهَا، وَيُسَنُّ أَنْ يُعْطِيَ الْمُرْضِعَةَ شَيْئًا عِنْدَ الْفِصَالِ وَالْأُولَى عِنْدَ أَوَانِهِ، فَإِنْ كَانَتْ مَمْلُوكَةً اُسْتُحِبَّ لِلرَّضِيعِ بَعْدَ كَمَالِهِ أَنْ يُعْتِقَهَا؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ أُمًّا لَهُ، وَلَنْ يُجْزِئَ وَلَدُ وَالِدِهِ إلَّا بِإِعْتَاقِهِ كَمَا وَرَدَ بِهِ الْخَبَرُ

كتاب النَّفَقَاتِ

عَلَى مُوسِرٍ لِزَوْجَتِهِ كُلَّ يَوْمٍ مُدَّا طَعَامٍ، وَمُعْسِرٍ مُدٌّ، وَمُتَوَسِّطٍ مُدٌّ وَنِصْفٌ، وَالْمُدُّ مِائَةٌ وَثَلَاثَةٌ وَسَبْعُونَ دِرْهَمًا وَثُلُثُ دِرْهَمٍ‏.‏

قُلْت‏:‏ الْأَصَحُّ مِائَةٌ وَأَحَدٌ وَسَبْعُونَ وَثَلَاثَةُ أَسْبَاعِ دِرْهَمٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

وَمِسْكِينُ الزَّكَاةِ مُعْسِرٌ، وَمَنْ فَوْقَهُ إنْ كَانَ لَوْ كُلِّفَ مُدَّيْنِ رَجَعَ مِسْكِينًا فَمُتَوَسِّطٌ، وَإِلَّا فَمُوسِرٌ‏.‏

وَالْوَاجِبُ غَالِبُ قُوتِ الْبَلَدِ قُلْت‏:‏ فَإِنْ اخْتَلَفَ وَجَبَ لَائِقٌ بِهِ، وَيُعْتَبَرُ الْيَسَارُ وَغَيْرُهُ طُلُوعَ الْفَجْرِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَعَلَيْهِ تَمْلِيكُهَا حَبًّا، وَكَذَا طَحْنُهُ وَخَبْزُهُ فِي الْأَصَحِّ‏.‏

وَلَوْ طَلَبَ أَحَدُهُمَا بَدَلَ الْحَبِّ لَمْ يُجْبَرْ الْمُمْتَنِعُ، فَإِنْ اعْتَاضَتْ جَازَ فِي الْأَصَحِّ، إلَّا خُبْزًا أَوْ دَقِيقًا عَلَى الْمَذْهَبِ‏.‏

وَلَوْ أَكَلْت مَعَهُ عَلَى الْعَادَةِ سَقَطَتْ نَفَقَتُهَا فِي الْأَصَحِّ‏.‏

قُلْت‏:‏ إلَّا أَنْ تَكُونَ غَيْرَ رَشِيدَةٍ وَلَمْ يَأْذَنْ وَلِيُّهَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

وَيَجِبُ أُدْمُ غَالِبِ الْبَلَدِ كَزَيْتٍ وَسَمْنٍ وَجُبْنٍ وَتَمْرٍ، وَيَخْتَلِفُ بِالْفُضُولِ، وَيُقَدِّرُهُ قَاضٍ بِاجْتِهَادِهِ، وَيُفَاوِتُ بَيْنَ مُوسِرٍ وَغَيْرِهِ، وَلَحْمٌ يَلِيقُ بِيَسَارِهِ وَإِعْسَارِهِ كَعَادَةِ الْبَلَدِ، وَلَوْ كَانَتْ تَأْكُلُ الْخُبْزَ وَحْدَهُ وَجَبَ الْأُدْمُ‏.‏

وَكِسْوَةٌ تَكْفِيهَا، فَيَجِبُ قَمِيصٌ، وَسَرَاوِيلُ وَخِمَارٌ وَمِكْعَبٌ، وَيَزِيدُ فِي الشِّتَاءِ جُبَّةً، وَجِنْسُهَا قُطْنٌ، فَإِنْ جَرَتْ عَادَةُ الْبَلَدِ لِمِثْلِهِ بِكَتَّانٍ أَوْ حَرِيرٍ وَجَبَ فِي الْأَصَحِّ‏.‏

وَيَجِبُ مَا تَقْعُدُ عَلَيْهِ كَزِلِّيَّةٍ أَوْ لِبْدٍ أَوْ حَصِيرٍ، وَكَذَا فِرَاشٌ لِلنَّوْمِ فِي الْأَصَحِّ، وَمِخَدَّةٌ وَلِحَافٌ فِي الشِّتَاءِ‏.‏

وَآلَةُ تَنْظِيفٍ كَمُشْطٍ، وَدُهْنٍ، وَمَا تُغْسَلُ بِهِ الرَّأْسُ، وَمَرْتَكٍ وَنَحْوِهِ لِدَفْعِ صُنَانٍ، لَا كُحْلٍ وَخِضَابٍ وَمَا تَزَيَّنُ بِهِ، وَدَوَاءِ مَرَضٍ، وَأُجْرَةِ طَبِيبٍ وَحَاجِمٍ‏.‏

وَلَهَا طَعَامُ أَيَّامِ الْمَرَضِ وَأُدْمُهَا وَالْأَصَحُّ وُجُوبُ أُجْرَةِ حَمَّامٍ بِحَسَبِ الْعَادَةِ، وَثَمَنِ مَاءِ غُسْلِ جِمَاعٍ وَنِفَاسٍ، فِي الْأَصَحِّ لَا حَيْضٍ وَاحْتِلَامٍ فِي الْأَصَحِّ‏.‏

وَلَهَا وَآلَاتُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَطَبْخٍ كَقِدْرٍ وَقَصْعَةٍ وَكُوزٍ وَجَرَّةٍ وَنَحْوِهَا‏.‏

وَمَسْكَنٌ يَلِيقُ بِهَا، وَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ مِلْكَهُ‏.‏

وَعَلَيْهِ لِمَنْ لَا يَلِيقُ بِهَا خِدْمَةُ نَفْسِهَا إخْدَامُهَا بِحُرَّةٍ أَوْ أَمَةٍ لَهُ أَوْ مُسْتَأْجَرَةٍ، أَوْ بِالْإِنْفَاقِ عَلَى مَنْ صَحِبَتْهَا مِنْ حُرَّةٍ أَوْ أَمَةٍ لِخِدْمَةٍ وَسَوَاءٌ فِي هَذَا مُوسِرٌ وَمُعْسِرٌ وَعَبْدٌ، فَإِنْ أَخْدَمَهَا بِحُرَّةٍ أَوْ أَمَةٍ بِأُجْرَةٍ فَلَيْسَ عَلَيْهِ غَيْرُهَا أَوْ بِأَمَتِهِ أَنْفَقَ عَلَيْهَا بِالْمِلْكِ أَوْ بِمَنْ صَحِبَتْهَا لَزِمَهُ نَفَقَتُهَا‏.‏

وَجِنْسُ طَعَامِهَا جِنْسُ طَعَامِ الزَّوْجَةِ، وَهُوَ مُدٌّ عَلَى مُعْسِرٍ وَكَذَا مُتَوَسِّطٌ فِي الصَّحِيحِ، وَمُوسِرٌ مُدٌّ وَثُلُثٌ وَلَهَا كِسْوَةٌ تَلِيقُ بِحَالِهَا، وَكَذَا أُدْمٌ عَلَى الصَّحِيحِ، لَا آلَةُ تَنْظِيفٍ فَإِنْ كَثُرَ وَسَخٌ وَتَأَذَّتْ بِقَمْلٍ وَجَبَ أَنْ تُرَفَّهَ‏.‏

وَمَنْ تَخْدُمُ نَفْسَهَا فِي الْعَادَةِ إنْ احْتَاجَتْ إلَى خِدْمَةٍ لِمَرَضٍ أَوْ زَمَانَةٍ وَجَبَ إخْدَامُهَا، وَلَا إخْدَامَ لِرَقِيقَةٍ، وَفِي الْجَمِيلَةِ وَجْهٌ‏.‏

وَيَجِبُ فِي الْمَسْكَنِ إمْتَاعٌ، وَمَا يُسْتَهْلَكُ كَطَعَامٍ تَمْلِيكٌ، وَتَتَصَرَّفُ فِيهِ فَلَوْ قَتَّرَتْ بِمَا يَضُرُّهَا مَنَعَهَا، وَمَا دَامَ نَفْعُهُ كَكِسْوَةٍ وَظُرُوفِ طَعَامٍ وَمُشْطٍ تَمْلِيكٌ، وَقِيلَ إمْتَاعٌ‏.‏

وَتُعْطَى الْكِسْوَةَ أَوَّلَ شِتَاءٍ وَ صَيْفٍ، فَإِنْ تَلِفَتْ فِيهِ بِلَا تَقْصِيرٍ لَمْ تُبْدَلْ إنْ قُلْنَا تَمْلِيكٌ، فَإِنْ مَاتَتْ فِيهِ لَمْ تُرَدَّ‏.‏

وَلَوْ لَمْ يَكْسُ مُدَّةً فَدَيْنٌ‏.‏

فصل ‏[‏في موجب المؤن ومسقطاتها‏]‏

الْجَدِيدُ أَنَّهَا تَجِبُ بِالتَّمْكِينِ لَهَا، وَالْمُرَادُ بِالْوُجُوبِ اسْتِحْقَاقُهَا يَوْمًا بِيَوْمِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ وَلَوْ حَصَلَ التَّمْكِينُ وَقْتَ الْغُرُوبِ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ‏:‏ فَالْقِيَاسُ وُجُوبُهَا بِالْغُرُوبِ‏.‏ اهـ‏.‏

وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا أَنَّ الْمُرَادَ وُجُوبُهَا بِالْقِسْطِ، فَلَوْ حَصَلَ ذَلِكَ وَقْتَ الظُّهْرِ فَيَنْبَغِي وُجُوبُهَا لِذَلِكَ مِنْ حِينَئِذٍ، وَهَلْ التَّمْكِينُ سَبَبٌ أَوْ شَرْطٌ‏؟‏ فِيهِ وَجْهَانِ‏:‏ أَوْجَهُهُمَا الثَّانِي، وَاسْتُثْنِيَ مِنْ ذَلِكَ صُورَتَانِ‏:‏ إحْدَاهُمَا مَا لَوْ مَنَعَتْ نَفْسَهَا لِتَسْلِيمِ الْمَهْرِ الْمُعَيَّنِ أَوْ الْحَالِّ فَإِنَّ لَهَا النَّفَقَةَ مِنْ حِينَئِذٍ، أَمَّا الْمُؤَجَّلُ فَلَيْسَ لَهَا حَبْسُ نَفْسِهَا لَهُ وَإِنْ حَلَّ خِلَافًا لِلْإِسْنَوِيِّ‏.‏

الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ‏:‏ مَا لَوْ أَرَادَ الزَّوْجُ سَفَرًا طَوِيلاً‏.‏

قَالَ الْبَغَوِيّ فِي فَتَاوِيهِ‏:‏ لِامْرَأَتِهِ لَا الْعَقْدِ‏.‏

فَإِنْ اخْتَلَفَا فِيهِ صُدِّقَ، فَإِنْ لَمْ تَعْرِضْ عَلَيْهِ مُدَّةً فَلَا نَفَقَةَ فِيهَا، وَإِنْ عَرَضَتْ وَجَبَتْ مِنْ بُلُوغِ الْخَبَرِ، فَإِنْ غَابَ كَتَبَ الْحَاكِمُ لِحَاكِمِ بَلَدِهِ لِيُعْلِمَهُ فَيَجِيءَ أَوْ يُوَكِّلَ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ وَمَضَى زَمَنُ وُصُولِهِ فَرَضَهَا الْقَاضِي‏.‏

وَالْمُعْتَبَرُ فِي مَجْنُونَةٍ وَمُرَاهِقَةٍ عَرْضُ وَلِيٍّ‏.‏

وَتَسْقُطُ بِنُشُوزٍ وَلَوْ بِمَنْعِ لَمْسٍ بِلَا عُذْرٍ، وَعَبَالَةُ زَوْجٍ، أَوْ مَرَضٌ يَضُرُّ مَعَهُ الْوَطْءُ عُذْرٌ، وَالْخُرُوجُ مِنْ بَيْتِهِ بِلَا إذْنٍ نُشُوزٌ إلَّا أَنْ يُشْرِفَ عَلَى انْهِدَامٍ‏.‏

وَسَفَرُهَا بِإِذْنِهِ مَعَهُ أَوْ لِحَاجَتِهِ لَا يُسْقِطُ وَلِحَاجَتِهَا يَسْقُطُ فِي الْأَظْهَرِ‏.‏

وَلَوْ نَشَزَتْ فَغَابَ فَأَطَاعَتْ لَمْ تَجِبْ فِي الْأَصَحِّ وَطَرِيقُهَا أَنْ يَكْتُبَ الْحَاكِمُ كَمَا سَبَقَ‏.‏

وَلَوْ خَرَجَتْ فِي غَيْبَتِهِ لِزِيَارَةٍ وَنَحْوِهَا لَمْ تَسْقُطْ، وَالْأَظْهَرُ أَنْ لَا نَفَقَةَ لِصَغِيرَةٍ وَأَنَّهَا تَجِبُ لِكَبِيرَةٍ عَلَى صَغِيرٍ‏.‏

وَإِحْرَامُهَا بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ بِلَا إذْنٍ نُشُوزٌ إنْ لَمْ يَمْلِكْ تَحْلِيلَهَا، فَإِنْ مَلَكَ فَلَا حَتَّى تَخْرُجَ فَمُسَافِرَةٌ لِحَاجَتِهَا، أَوْ بِإِذْنٍ فَفِي الْأَصَحِّ لَهَا نَفَقَةٌ مَا لَمْ تَخْرُجْ‏.‏

وَيَمْنَعُهَا صَوْمُ نَفْلٍ فَإِنْ أَبَتْ فَنَاشِزَةٌ فِي الْأَظْهَرِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّ قَضَاءَهُ لَا يَتَضَيَّقُ كَنَفْلٍ فَيَمْنَعُهَا، وَأَنَّهُ لَا مَنْعَ مِنْ تَعْجِيلِ مَكْتُوبَةٍ أَوَّلَ وَقْتٍ، وَسُنَنٍ رَاتِبَةٍ‏.‏

وَتَجِبُ لِرَجْعِيَّةٍ الْمُؤَنُ إلَّا مُؤْنَةَ تَنَظُّفٍ‏.‏

فَلَوْ ظُنَّتْ حَامِلاً فَأَنْفَقَ فَبَانَتْ حَائِلاً اسْتَرْجَعَ مَا دَفَعَ بَعْدَ عِدَّتِهَا‏.‏

وَالْحَائِلُ الْبَائِنُ بِخُلْعٍ أَوْ ثَلَاثٍ لَا نَفَقَةَ لَهَا وَلَا كِسْوَةَ، وَيَجِبَانِ لِحَامِلٍ لَهَا، وَفِي قَوْلٍ لِلْحَمْلِ، فَعَلَى الْأَوَّلِ لَا تَجِبُ لِحَامِلٍ عَنْ شُبْهَةٍ أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ‏.‏

قُلْت‏:‏ وَلَا نَفَقَةَ لِمُعْتَدَّةِ وَفَاةٍ وَإِنْ كَانَتْ حَامِلاً، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

وَنَفَقَةُ الْعِدَّةِ مُقَدَّرَةٌ كَزَمَنٍ النِّكَاحِ، وَقِيلَ تَجِبُ الْكِفَايَةُ، وَلَا يَجِبُ دَفْعُهَا قَبْلَ ظُهُورِ حَمْلٍ، فَإِذَا ظَهَرَ وَجَبَ يَوْمًا بِيَوْمٍ، وَقِيلَ حَتَّى تَضَعَ، وَلَا تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ عَلَى الْمَذْهَبِ‏.‏

فصل ‏[‏في حكم الإعسار بمون الزوجة‏]‏

أَعْسَرَ بِهَا، فَإِنْ صَبَرَتْ صَارَتْ دَيْنًا عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَلَهَا الْفَسْخُ عَلَى الْأَظْهَرِ‏.‏

وَالْأَصَحُّ أَنْ لَا فَسْخَ بِمَنْعِ مُوسِرٍ حَضَرَ أَوْ غَابَ، وَلَوْ حَضَرَ وَغَابَ مَالُهُ، فَإِنْ كَانَ بِمَسَافَةِ الْقَصْرِ فَلَهَا الْفَسْخُ وَإِلَّا فَلَا، وَيُؤْمَرُ بِالْإِحْضَارِ، وَلَوْ تَبَرَّعَ رَجُلٌ بِهَا لَمْ يَلْزَمْهَا الْقَبُولُ، وَقُدْرَتُهُ عَلَى الْكَسْبِ كَالْمَالِ، وَإِنَّمَا يُفْسَخُ بِعَجْزِهِ عَنْ نَفَقَةِ مُعْسِرٍ‏.‏

وَالْإِعْسَارُ بِالْكِسْوَةِ كَهُوَ بِالنَّفَقَةِ، وَكَذَا بِالْأُدْمِ، وَالْمَسْكَنِ فِي الْأَصَحِّ‏.‏

قُلْت‏:‏ الْأَصَحُّ الْمَنْعُ فِي الْأُدْمِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

وَفِي إعْسَارِهِ بِالْمَهْرِ أَقْوَالٌ‏:‏ أَظْهَرُهَا تُفْسَخُ قَبْلَ وَطْءٍ لَا بَعْدَهُ، وَلَا فَسْخَ حَتَّى يَثْبُتَ عِنْدَ قَاضٍ إعْسَارُهُ فَيَفْسَخَهُ أَوْ يَأْذَنَ لَهَا فِيهِ ثُمَّ فِي قَوْلٍ يُنَجَّزُ الْفَسْخُ، وَالْأَظْهَرُ إمْهَالُهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَلَهَا الْفَسْخُ صَبِيحَةَ الرَّابِعِ إلَّا أَنْ يُسَلِّمَ نَفَقَتَهُ، وَلَوْ مَضَى يَوْمَانِ بِلَا نَفَقَةٍ وَأَنْفَقَ الثَّالِثَ وَعَجَزَ الرَّابِعَ بَنَتْ، وَقِيلَ تَسْتَأْنِفُ‏.‏

وَلَهَا الْخُرُوجُ زَمَنَ الْمُهْلَةِ لِتَحْصِيلِ النَّفَقَةِ، وَعَلَيْهَا الرُّجُوعُ لَيْلاً‏.‏

وَلَوْ رَضِيَتْ بِإِعْسَارِهِ أَوْ نَكَحَتْهُ عَالِمَةً بِإِعْسَارِهِ فَلَهَا الْفَسْخُ بَعْدَهُ، وَلَوْ رَضِيَتْ بِإِعْسَارِهِ بِالْمَهْرِ فَلَا، وَلَا فَسْخَ لِوَلِيِّ صَغِيرَةٍ وَمَجْنُونَةٍ بِإِعْسَارٍ بِمَهْرٍ وَنَفَقَةٍ‏.‏

وَلَوْ أَعْسَرَ زَوْجُ أَمَةٍ بِالنَّفَقَةِ فَلَهَا الْفَسْخُ، فَإِنْ رَضِيَتْ فَلَا فَسْخَ لِلسَّيِّدِ فِي الْأَصَحِّ، وَلَهُ أَنْ يُلْجِئَهَا إلَيْهِ بِأَنْ لَا يُنْفِقَ عَلَيْهَا وَيَقُولَ‏:‏ افْسَخِي أَوْ جُوعِي‏.‏

فصل ‏[‏في مؤن الأقارب‏]‏

يَلْزَمُهُ نَفَقَةُ الْوَالِدِ وَإِنْ عَلَا، وَالْوَلَدِ وَإِنْ سَفَلَ، وَإِنْ اخْتَلَفَ دِينُهُمَا بِشَرْطِ يَسَارِ الْمُنْفِقِ بِفَاضِلٍ عَنْ قُوتِهِ وَقُوتِ عِيَالِهِ فِي يَوْمِهِ، وَيُبَاعُ فِيهَا مَا يُبَاعُ فِي الدَّيْنِ، وَيَلْزَمُ كَسُوبًا كَسْبُهَا فِي الْأَصَحِّ‏.‏

وَلَا تَجِبُ لِمَالِكٍ كِفَايَتَهُ وَلَا لِمُكْتَسِبِهَا، وَتَجِبُ لِفَقِيرٍ غَيْرِ مُكْتَسِبٍ إنْ كَانَ زَمِنًا أَوْ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا وَإِلَّا فَأَقْوَالٌ أَحْسَنُهَا تَجِبُ، وَالثَّالِثُ لِأَصْلٍ، لَا فَرْعٍ‏.‏

قُلْت‏:‏ الثَّالِثُ أَظْهَرُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَهِيَ الْكِفَايَةُ‏.‏

وَتَسْقُطُ بِفَوَاتِهَا، وَلَا تَصِيرُ دَيْنًا عَلَيْهِ إلَّا بِفَرْضِ قَاضٍ، أَوْ إذْنِهِ فِي اقْتِرَاضٍ لِغَيْبَةٍ أَوْ مَنْعٍ‏.‏

وَعَلَيْهَا إرْضَاعُ وَلَدِهَا اللِّبَأَ‏.‏

ثُمَّ بَعْدَهُ إنْ لَمْ يُوجَدْ إلَّا هِيَ أَوْ أَجْنَبِيَّةٌ وَجَبَ إرْضَاعُهُ، وَإِنْ وُجِدَتَا لَمْ تُجْبَرْ الْأُمُّ، فَإِنْ رَغِبَتْ وَهِيَ مَنْكُوحَةُ أَبِيهِ فَلَهُ مَنْعُهَا فِي الْأَصَحِّ‏.‏

قُلْت‏:‏ الْأَصَحُّ لَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا، وَصَحَّحَهُ الْأَكْثَرُونَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

فَإِنْ اتَّفَقَا وَطَلَبَتْ أُجْرَةَ مِثْلٍ أُجِيبَتْ، أَوْ فَوْقَهَا فَلَا‏.‏

وَكَذَا إنْ تَبَرَّعَتْ أَجْنَبِيَّةٌ أَوْ رَضِيَتْ بِأَقَلَّ فِي الْأَظْهَرِ‏.‏

وَمَنْ اسْتَوَى فَرْعَاهُ أَنْفَقَا، وَإِلَّا فَالْأَصَحُّ أَقْرَبُهُمَا، فَإِنْ اسْتَوَى فَبِالْإِرْثِ فِي الْأَصَحِّ، وَالثَّانِي بِالْإِرْثِ ثُمَّ الْقُرْبِ، وَالْوَارِثَانِ يَسْتَوِيَانِ، أَمْ يُوَزَّعُ بِحَسَبِهِ‏؟‏ وَجْهَانِ، وَمَنْ لَهُ أَبَوَانِ فَعَلَى الْأَبِ، وَقِيلَ عَلَيْهِمَا لِبَالِغٍ، أَوْ أَجْدَادٌ وَجَدَّاتٌ إنْ أَدْلَى بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ فَالْأَقْرَبُ، وَإِلَّا فَبِالْقُرْبِ، وَقِيلَ الْإِرْثُ، وَقِيلَ بِوِلَايَةِ الْمَالِ، وَمَنْ لَهُ أَصْلٌ وَفَرْعٌ فَفِي الْأَصَحِّ عَلَى الْفَرْعِ، وَإِنْ بَعُدَ أَوْ مُحْتَاجُونَ يُقَدِّمُ زَوْجَتَهُ ثُمَّ الْأَقْرَبَ، وَقِيلَ الْوَارِثَ، وَقِيلَ الْوَلِيُّ‏.‏

فصل ‏[‏في الْحَضَانَةِ‏]‏

الْحَضَانَةُ‏:‏ حِفْظُ مَنْ لَا يَسْتَقِلُّ وَتَرْبِيَتُهُ‏.‏

وَالْإِنَاثُ أَلْيَقُ بِهَا، وَأَوْلَاهُنَّ أُمٌّ ثُمَّ أُمَّهَاتٌ يُدْلِينَ بِإِنَاثٍ يُقَدَّمُ أَقْرَبُهُنَّ، وَالْجَدِيدُ تُقَدَّمُ بَعْدَهُنَّ أُمُّ أَبٍ ثُمَّ أُمَّهَاتُهَا الْمُدْلِيَاتُ بِإِنَاثٍ ثُمَّ أُمُّ أَبِي أَبٍ كَذَلِكَ، ثُمَّ أُمُّ أَبِي جَدٍّ كَذَلِكَ، وَالْقَدِيمُ الْأَخَوَاتُ وَالْخَالَاتُ عَلَيْهِنَّ، وَتُقَدَّمُ أُخْتٌ عَلَى خَالَةٍ وَخَالَةٌ عَلَى بِنْتِ أَخٍ وَأُخْتٍ، وَبِنْتُ أَخٍ وَأُخْتٍ عَلَى عَمَّةٍ، وَأُخْتٌ مِنْ أَبَوَيْنِ عَلَى أُخْتِ أَحَدِهِمَا، وَالْأَصَحُّ تَقْدِيمُ أُخْتٍ مِنْ أَبٍ عَلَى أُخْتٍ مِنْ أُمٍّ وَخَالَةٍ وَعَمَّةٍ لِأَبٍ عَلَيْهِمَا لِأُمٍّ، وَسُقُوطُ كُلِّ جَدَّةٍ لَا تَرِثُ دُونَ أُنْثَى غَيْرِ مَحْرَمٍ كَبِنْتِ خَالَةٍ‏.‏

وَتَثْبُتُ لِكُلِّ ذَكَرٍ مَحْرَمٍ وَارِثٍ عَلَى تَرْتِيبِ الْإِرْثِ، وَكَذَا غَيْرُ مَحْرَمٍ كَابْنِ عَمٍّ عَلَى الصَّحِيحِ، وَلَا تُسَلَّمُ إلَيْهِ مُشْتَهَاةٌ بَلْ إلَى ثِقَةٍ يُعَيِّنُهَا‏.‏

فَإِنْ فُقِدَ الْإِرْثُ وَالْمَحْرَمِيَّةُ أَوْ الْإِرْثُ فَلَا فِي الْأَصَحِّ‏.‏

وَإِنْ اجْتَمَعَ ذُكُورٌ وَإِنَاثٌ فَالْأُمُّ ثُمَّ أُمَّهَاتُهَا ثُمَّ الْأَبُ، وَقِيلَ تُقَدَّمُ عَلَيْهِ الْخَالَةُ وَالْأُخْتُ مِنْ الْأُمِّ، وَيُقَدَّمُ الْأَصْلُ عَلَى الْحَاشِيَةِ، فَإِنْ فُقِدَ فَالْأَصَحُّ الْأَقْرَبُ، وَإِلَّا فَالْأُنْثَى، وَإِلَّا فَيُقْرَعُ‏.‏

وَلَا حَضَانَةَ لِرَقِيقٍ وَمَجْنُونٍ، وَفَاسِقٍ وَكَافِرٍ عَلَى مُسْلِمٍ وَنَاكِحَةِ غَيْرِ أَبِي الطِّفْلِ إلَّا عَمَّهُ وَابْنَ عَمِّهِ وَابْنَ أَخِيهِ فِي الْأَصَحِّ، وَإِنْ كَانَ رَضِيعًا اُشْتُرِطَ أَنْ تُرْضِعَهُ عَلَى الصَّحِيحِ‏.‏

فَإِنْ كَمُلَتْ نَاقِصَةٌ أَوْ طَلُقَتْ مَنْكُوحَةٌ حَضَنَتْ، وَإِنْ غَابَتْ الْأُمُّ أَوْ امْتَنَعَتْ فَلِلْجَدَّةِ عَلَى الصَّحِيحِ، هَذَا كُلُّهُ فِي غَيْرِ مُمَيِّزٍ‏.‏

وَالْمُمَيِّزُ إنْ افْتَرَقَ أَبَوَاهُ كَانَ عِنْدَ مَنْ اخْتَارَ مِنْهُمَا، فَإِنْ كَانَ فِي أَحَدِهِمَا جُنُونٌ أَوْ كُفْرٌ أَوْ رِقٌّ أَوْ فِسْقٌ أَوْ نَكَحَتْ فَالْحَقُّ لِلْآخَرِ، وَيُخَيَّرُ بَيْنَ أُمٍّ وَجَدٍّ، وَكَذَا أَخٌ أَوْ عَمٌّ أَوْ أَبٌ مَعَ أُخْتٍ أَوْ خَالَةٍ فِي الْأَصَحِّ، فَإِنْ اخْتَارَ أَحَدَهُمَا ثُمَّ الْآخَرَ حُوِّلَ إلَيْهِ، فَإِنْ اخْتَارَ الْأَبَ ذَكَرٌ لَمْ يَمْنَعْهُ زِيَارَةُ أُمِّهِ وَيَمْنَعُ أُنْثَى، وَلَا يَمْنَعُهَا دُخُولاً عَلَيْهِمَا زَائِرَةً، وَالزِّيَارَةُ مَرَّةً فِي أَيَّامٍ، فَإِنْ مَرِضَا فَالْأُمُّ أَوْلَى بِتَمْرِيضِهِمَا فَإِنْ رَضِيَ بِهِ فِي بَيْتِهِ، وَإِلَّا فَفِي بَيْتِهَا، وَإِنْ اخْتَارَهَا ذَكَرٌ فَعِنْدَهَا لَيْلاً، وَعِنْدَ الْأَبِ نَهَارًا، وَيُؤَدِّبُهُ وَيُسَلِّمُهُ لِمَكْتَبٍ أَوْ حِرْفَةٍ، أَوْ أُنْثَى فَعَنَدَهَا لَيْلاً وَنَهَارًا، وَيَزُورُهَا الْأَبُ عَلَى الْعَادَةِ، وَإِنْ اخْتَارَهُمَا أَقُرِعَ فَإِنْ لَمْ يَخْتَرْ فَالْأُمُّ أَوْلَى، وَقِيلَ يُقْرَعُ‏.‏

وَلَوْ أَرَادَ أَحَدُهُمَا سَفَرَ حَاجَةٍ كَانَ الْوَلَدُ الْمُمَيِّزُ وَغَيْرُهُ مَعَ الْمُقِيمِ حَتَّى يَعُودَ، أَوْ سَفَرَ نُقْلَةٍ فَالْأَبُ أَوْلَى بِشَرْطِ أَمْنِ طَرِيقِهِ وَالْبَلَدِ الْمَقْصُودِ، قِيلَ وَمَسَافَةُ قَصْرٍ‏.‏

وَمَحَارِمُ الْعَصَبَةِ فِي هَذَا كَالْأَبِ، وَكَذَا ابْنُ عَمٍّ لِذَكَرٍ وَلَا يُعْطَى أُنْثَى، فَإِنْ رَافَقَتْهُ بِنْتُهُ سُلِّمَ إلَيْهَا‏.‏

فصل ‏[‏في مؤنة المماليك وتوابعها‏]‏

عَلَيْهِ كِفَايَةُ رَقِيقِهِ نَفَقَةً، وَكِسْوَةً وَإِنْ كَانَ أَعْمَى زَمِنًا وَمُدَبَّرًا وَمُسْتَوْلَدَةً مِنْ غَالِبِ قُوتِ رَقِيقِ الْبَلَدِ وَأُدْمِهِمْ وَكِسْوَتِهِمْ، وَلَا يَكْفِي سِتْرُ الْعَوْرَةِ‏.‏

وَسُنَّ أَنْ يُنَاوِلَهُ مِمَّا يَتَنَعَّمُ بِهِ مِنْ طَعَامٍ وَأُدْمٍ وَكِسْوَةٍ‏.‏

وَتَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ وَيَبِيعُ الْقَاضِي فِيهَا مَالَهُ، فَإِنْ فُقِدَ الْمَالُ أَمَرَهُ بِبَيْعِهِ أَوْ إعْتَاقِهِ‏.‏

وَيُجْبِرُ أَمَتَهُ عَلَى إرْضَاعِ وَلَدِهَا، وَكَذَا غَيْرُهُ إنْ فَضَلَ عَنْهُ، وَفَطْمِهِ قَبْلَ حَوْلَيْنِ إنْ لَمْ يَضُرَّهُ، وَإِرْضَاعِهِ بَعْدَهُمَا إنْ لَمْ يَضُرَّهَا‏.‏

وَلِلْحُرَّةِ حَقٌّ فِي التَّرْبِيَةِ، فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا فَطْمُهُ قَبْلَ حَوْلَيْنِ وَلَهُمَا إنْ لَمْ يَضُرَّهُ، وَلِأَحَدِهِمَا بَعْدَ حَوْلَيْنِ، وَلَهُمَا الزِّيَادَةُ‏.‏

وَلَا يُكَلِّفُ رَقِيقَهُ إلَّا عَمَلاً يُطِيقُهُ، وَيَجُوزُ مُخَارَجَتُهُ بِشَرْطِ رِضَاهُمَا وَهِيَ‏:‏ خَرَاجٌ يُؤَدِّيهِ كُلَّ يَوْمٍ أَوْ أُسْبُوعٍ، وَعَلَيْهِ عَلْفُ دَوَابِّهِ، وَسَقْيُهَا، فَإِنْ امْتَنَعَ أُجْبِرَ فِي الْمَأْكُولِ عَلَى بَيْعٍ أَوْ عَلْفٍ أَوْ ذَبْحٍ، وَفِي غَيْرِهِ عَلَى بَيْعٍ أَوْ عَلْفٍ وَلَا يَحْلِبُ مَا ضَرَّ وَلَدَهَا وَمَا لَا رُوحَ لَهُ، كَقَنَاةٍ وَدَارٍ لَا تَجِبُ عِمَارَتُهَا‏.‏

كتاب الْجِرَاحِ

الْفِعْلُ الْمُزْهِقُ ثَلَاثَةٌ‏:‏ عَمْدٌ، وَخَطَأٌ، وَشِبْهُ عَمْدٍ‏.‏

وَلَا قِصَاصَ إلَّا فِي الْعَمْدِ، وَهُوَ قَصْدُ الْفِعْلِ وَالشَّخْصِ بِمَا يَقْتُلْ غَالِبًا‏:‏ جَارِحٌ أَوْ مُثَقَّلٌ، إنْ فُقِدَ قَصْدُ أَحَدِهِمَا بِأَنْ وَقَعَ عَلَيْهِ فَمَاتَ، أَوْ رَمَى شَجَرَةً فَأَصَابَهُ فَخَطَأٌ، وَإِنْ قَصَدَهُمَا بِمَا لَا يَقْتُلُ غَالِبًا فَشِبْهُ عَمْدٍ، وَمِنْهُ الضَّرْبُ بِسَوْطٍ أَوْ عَصًا‏.‏

فَلَوْ غَرَزَ إبْرَةً بِمَقْتَلٍ فَعَمْدٌ وَكَذَا بِغَيْرِهِ إنْ تَوَرَّمَ وَتَأَلَّمَ حَتَّى مَاتَ، فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ أَثَرٌ وَمَاتَ فِي الْحَالِ فَشِبْهُ عَمْدٍ، وَقِيلَ عَمْدٌ، وَقِيلَ لَا شَيْءَ، وَلَوْ غَرَزَ فِيمَا لَا يُؤْلِمُ كَجَلْدَةِ عَقِبٍ فَلَا شَيْءَ بِحَالٍ‏.‏

وَلَوْ حَبَسَهُ وَمَنَعَهُ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ وَالطَّلَبَ حَتَّى مَاتَ، فَإِنْ مَضَتْ مُدَّةٌ يَمُوتُ مِثْلُهُ فِيهَا غَالِبًا جُوعًا أَوْ عَطَشًا فَعَمْدٌ وَإِلَّا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ جُوعٌ وَعَطَشٌ سَابِقٌ فَشِبْهُ عَمْدٍ وَإِنْ كَانَ بَعْضُ جُوعٍ وَعَطَشٍ، وَعَلِمَ الْحَابِسُ الْحَالَ فَعَمْدٌ، وَإِلَّا فَلَا فِي الْأَظْهَرِ‏.‏

وَيَجِبُ الْقِصَاصُ بِالسَّبَبِ، فَلَوْ شَهِدَا بِقِصَاصٍ فَقُتِلَ ثُمَّ رَجَعَا وَقَالَا تَعَمَّدْنَا لَزِمَهُمَا الْقِصَاصُ إلَّا أَنْ يَعْتَرِفَ الْوَلِيُّ بِعِلْمِهِ بِكَذِبِهِمَا‏.‏

وَلَوْ ضَيَّفَ بِمَسْمُومٍ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا فَمَاتَ وَجَبَ الْقِصَاصُ، أَوْ بَالِغًا عَاقِلاً وَلَمْ يَعْلَمْ حَالَ الطَّعَامِ فَدِيَةٌ، وَفِي قَوْلٍ قِصَاصٌ، وَفِي قَوْلٍ لَا شَيْءَ، وَلَوْ دَسَّ سُمًّا فِي طَعَامِ شَخْصٍ الْغَالِبُ أَكْلُهُ مِنْهُ فَأَكَلَهُ جَاهِلاً فَعَلَى الْأَقْوَالِ‏.‏

وَلَوْ تَرَكَ الْمَجْرُوحُ عِلَاجَ جُرْحٍ مُهْلِكٍ فَمَاتَ وَجَبَ الْقِصَاصُ، وَلَوْ أَلْقَاهُ فِي مَاءٍ لَا يُعَدُّ مُغَرِّقًا كَمُنْبَسِطٍ فَمَكَثَ فِيهِ مُضْطَجِعًا حَتَّى هَلَكَ فَهَدَرٌ، أَوْ مُغْرِقٍ لَا يَخْلُصُ مِنْهُ إلَّا بِسِبَاحَةٍ، فَإِنْ لَمْ يُحْسِنْهَا أَوْ كَانَ مَكْتُوفًا أَوْ زَمِنًا فَعَمْدٌ، وَإِنْ مَنَعَ عَارِضٌ كَرِيحٍ وَمَوْجٍ فَشِبْهُ عَمْدٍ، وَإِنْ أَمْكَنَتْهُ فَتَرَكَهَا فَلَا دِيَةَ فِي الْأَظْهَرِ، أَوْ فِي نَارٍ يُمْكِنُ الْخَلَاصُ مِنْهَا فَمَكَثَ فِيهَا فَفِي الدِّيَةِ الْقَوْلَانِ، وَلَا قِصَاصَ فِي الصُّورَتَيْنِ، وَفِي النَّارِ وَجْهٌ‏.‏

وَلَا قِصَاصَ فِي الصُّورَتَيْنِ وَفِي النَّارِ وَجْهٌ وَلَوْ أَمْسَكَهُ فَقَتَلَهُ آخَرُ أَوْ حَفَرَ بِئْرًا فَرَدَاهُ فِيهَا آخَرُ، أَوْ أَلْقَاهُ مِنْ شَاهِقٍ فَتَلَقَّاهُ آخَرُ فَقَدَّهُ، فَالْقِصَاصُ عَلَى الْقَاتِلِ وَالْمُرْدِي وَالْقَادِّ فَقَطْ، وَلَوْ أَلْقَاهُ فِي مَاءٍ مُغْرِقٍ فَالْتَقَمَهُ حُوتٌ وَجَبَ الْقِصَاصُ فِي الْأَظْهَرِ، أَوْ غَيْرِ مُغْرِقٍ فَلَا‏.‏

وَلَوْ أَكْرَهَهُ عَلَى قَتْلٍ فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ، وَكَذَا عَلَى الْمُكْرَهِ فِي الْأَظْهَرِ فَإِنْ وَجَبَتْ الدِّيَةُ وُزِّعَتْ، فَإِنْ كَافَأَهُ أَحَدُهُمَا فَقَطْ فَالْقِصَاصُ عَلَيْهِ‏.‏

وَلَوْ أَكْرَهَ بَالِغٌ مُرَاهِقًا فَعَلَى الْبَالِغِ الْقِصَاصُ إنْ قُلْنَا‏:‏ عَمْدُ الصَّبِيِّ‏:‏ عَمْدٌ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ، وَلَوْ أَكْرَهَ عَلَى رَمْيِ شَاخِصٍ عَلِمَ الْمُكْرِهَ أَنَّهُ رَجُلٌ وَظَنَّهُ الْمُكْرَهُ صَيْدًا فَالْأَصَحُّ وُجُوبُ الْقِصَاصِ عَلَى الْمُكْرِهِ، أَوْ عَلَى رَمْيِ صَيْدٍ فَأَصَابَ رَجُلاً فَلَا قِصَاصَ عَلَى أَحَدٍ أَوْ عَلَى صُعُودِ شَجَرَةٍ فَزَلَقَ فَمَاتَ فَشِبْهُ عَمْدٍ، وَقِيلَ عَمْدٌ، أَوْ عَلَى قَتْلِ نَفْسِهِ فَلَا قِصَاصَ فِي الْأَظْهَرِ‏.‏

وَلَوْ قَالَ‏:‏ اُقْتُلْنِي وَإِلَّا قَتَلْتُك فَقَتَلَهُ فَالْمَذْهَبُ لَا قِصَاصَ، وَالْأَظْهَرُ لَا دِيَةَ، وَلَوْ قَالَ‏:‏ اُقْتُلْ زَيْدًا أَوْ عَمْرًا فَلَيْسَ بِإِكْرَاهٍ‏.‏

فصل ‏[‏في اجتماع مباشرتين‏]‏

وُجِدَ مِنْ شَخْصَيْنِ مَعًا فِعْلَانِ مُزْهِقَانِ مُذَفِّفَانِ كَحَزٍّ وَقَدٍّ، أَوْ لَا كَقَطْعِ عُضْوَيْنِ فَقَاتِلَانِ وَإِنْ أَنْهَاهُ رَجُلٌ إلَى حَرَكَةِ مَذْبُوحٍ‏:‏ بِأَنْ لَمْ يَبْقَ إبْصَارٌ، وَنُطْقٌ وَحَرَكَةُ اخْتِيَارٍ‏.‏

ثُمَّ جَنَى آخَرُ فَالْأَوَّلُ قَاتِلٌ، وَيُعَزَّرُ الثَّانِي، وَإِنْ جَنَى الثَّانِي قَبْلَ الْإِنْهَاءِ إلَيْهَا فَإِنْ ذَفَّفَ كَحَزٍّ بَعْدَ جُرْحٍ فَالثَّانِي قَاتِلٌ، وَعَلَى الْأَوَّلِ قِصَاصُ الْعُضْوِ أَوْ مَالٌ بِحَسَبِ الْحَالِ، وَإِلَّا فَقَاتِلَانِ‏.‏

وَلَوْ قَتَلَ مَرِيضًا فِي النَّزْعِ وَعَيْشُهُ عَيْشُ مَذْبُوحٍ وَجَبَ الْقِصَاصُ‏.‏

فصل ‏[‏في شروط القود‏]‏

قَتَلَ مُسْلِمًا ظَنَّ كُفْرَهُ بِدَارِ الْحَرْبِ لَا قِصَاصَ، وَكَذَا لَا دِيَةَ فِي الْأَظْهَرِ، أَوْ بِدَارِ الْإِسْلَامِ وَجَبَا، وَفِي الْقِصَاصِ قَوْلٌ‏.‏

أَوْ مَنْ عَهِدَهُ مُرْتَدًّا أَوْ ذِمِّيًّا أَوْ عَبْدًا أَوْ ظَنَّهُ قَاتِلَ أَبِيهِ فَبَانَ خِلَافُهُ فَالْمَذْهَبُ وُجُوبُ الْقِصَاصِ‏.‏

وَلَوْ ضَرَبَ مَرِيضًا جَهِلَ مَرَضَهُ ضَرْبًا يَقْتُلُ الْمَرِيضَ وَجَبَ الْقِصَاصُ، وَقِيلَ لَا‏.‏

وَيُشْتَرَطُ لِوُجُوبِ الْقِصَاصِ فِي الْقَتِيلِ إسْلَامٌ أَوْ أَمَانٌ، فَيُهْدَرُ الْحَرْبِيُّ وَالْمُرْتَدُّ، وَمَنْ عَلَيْهِ قِصَاصٌ كَغَيْرِهِ‏.‏

وَالزَّانِي الْمُحْصَنُ إنْ قَتَلَهُ ذِمِّيٌّ قُتِلَ أَوْ مُسْلِمٌ فَلَا فِي الْأَصَحِّ وَفِي الْقَاتِلِ بُلُوغٌ وَعَقْلٌ، وَالْمَذْهَبُ وُجُوبُهُ عَلَى السَّكْرَانِ، وَلَوْ قَالَ‏:‏ كُنْت يَوْمَ الْقَتْلِ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا صُدِّقَ بِيَمِينِهِ إنْ أَمْكَنَ الصِّبَا وَعُهِدَ الْجُنُونُ، وَلَوْ قَالَ‏:‏ أَنَا صَبِيٌّ فَلَا قِصَاصَ وَلَا يُحَلَّفُ، وَلَا قِصَاصَ عَلَى حَرْبِيٍّ‏.‏

وَيَجِبُ عَلَى الْمَعْصُومِ وَالْمُرْتَدِّ‏.‏

وَمُكَافَأَةٌ، فَلَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِذِمِّيٍّ، وَيُقْتَلُ ذِمِّيٌّ بِهِ وَبِذِمِّيٍّ، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ مِلَّتُهُمَا، فَلَوْ أَسْلَمَ الْقَاتِلُ لَمْ يَسْقُطْ الْقِصَاصُ‏.‏

وَلَوْ جَرَحَ ذِمِّيٌّ ذِمِّيًّا وَأَسْلَمَ الْجَارِحُ ثُمَّ مَاتَ الْمَجْرُوحُ فَكَذَا فِي الْأَصَحِّ، وَفِي الصُّورَتَيْنِ إنَّمَا يَقْتَصُّ الْإِمَامُ بِطَلَبِ الْوَارِثِ، وَالْأَظْهَرُ قَتْلُ مُرْتَدٍّ بِذِمِّيٍّ وَبِمُرْتَدٍّ، لَا ذِمِّيٍّ بِمُرْتَدٍّ وَلَا يُقْتَلُ حُرٌّ بِمَنْ فِيهِ رِقٌّ‏.‏

وَيُقْتَلُ قِنٌّ وَمُدَبَّرٌ وَمُكَاتَبٌ وَأُمُّ وَلَدٍ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ، وَلَوْ قَتَلَ عَبْدٌ عَبْدًا ثُمَّ عَتَقَ الْقَاتِلُ، أَوْ عَتَقَ بَيْنَ الْجُرْحِ فَكَحُدُوثِ الْإِسْلَامِ، وَمَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ لَوْ قَتَلَ مِثْلَهُ لَا قِصَاصَ، وَقِيلَ إنْ لَمْ تَزِدْ حُرِّيَّةُ الْقَاتِلِ وَجَبَ، وَلَا قِصَاصَ بَيْنَ عَبْدٍ مُسْلِمٍ وَحُرٍّ ذِمِّيٍّ‏.‏

وَلَا بِقَتْلِ وَلَدٍ وَإِنْ سَفَلَ، وَلَا لَهُ، وَيُقْتَلُ بِوَالِدَيْهِ‏.‏

وَلَوْ تَدَاعَيَا مَجْهُولاً فَقَتَلَهُ أَحَدُهُمَا، فَإِنْ أَلْحَقَهُ الْقَائِفُ بِالْآخَرِ اقْتَصَّ وَإِلَّا فَلَا‏.‏

وَلَوْ قَتَلَ أَحَدُ أَخَوَيْنِ الْأَبَ، وَالْآخَرُ الْأُمَّ مَعًا فَلِكُلٍّ قِصَاصٌ، وَيُقَدَّمُ بِقُرْعَةٍ، فَإِنْ اقْتَصَّ بِهَا، أَوْ مُبَادِرًا فَلِوَارِثِ الْمُقْتَصِّ مِنْهُ قَتْلُ الْمُقْتَصِّ إنْ لَمْ نُوَرِّثْ قَاتَلَا بِحَقٍّ، وَكَذَا إنْ قَتَلَا مُرَتَّبًا وَلَا زَوْجِيَّةَ، وَإِلَّا فَعَلَى الثَّانِي فَقَطْ‏.‏

وَيُقْتَلُ الْجَمْعُ بِوَاحِدٍ، وَلِلْوَلِيِّ الْعَفْوُ عَنْ بَعْضِهِمْ عَلَى حِصَّتِهِ مِنْ الدِّيَةِ بِاعْتِبَارِ الرُّءُوسِ‏.‏

وَلَا يُقْتَلُ شَرِيكُ مُخْطِئٍ وَشِبْهِ عَمْدٍ‏.‏

وَيُقْتَلُ شَرِيكُ الْأَبِ، وَعَبْدٌ شَارَكَ حُرًّا فِي عَبْدٍ، وَذِمِّيٌّ شَارَكَ مُسْلِمًا فِي ذِمِّيٍّ، وَكَذَا شَرِيكُ حَرْبِيٍّ، وَقَاطِعٌ قِصَاصًا أَوْ حَدًّا، وَشَرِيكُ النَّفْسِ، وَدَافِعُ الصَّائِلِ فِي الْأَظْهَرِ، وَلَوْ جَرَحَهُ جُرْحَيْنِ عَمْدًا أَوْ خَطَأً وَمَاتَ بِهِمَا، أَوْ جَرَحَ حَرْبِيًّا أَوْ مُرْتَدًّا ثُمَّ أَسْلَمَ وَجَرَحَهُ ثَانِيًا فَمَاتَ لَمْ يُقْتَلْ‏.‏

وَلَوْ دَاوَى جُرْحَهُ بِسُمٍّ مُذَفِّفٍ فَلَا قِصَاصَ عَلَى جَارِحِهِ، وَإِنْ لَمْ يَقْتُلْ السُّمُّ غَالِبًا فَشِبْهُ عَمْدٍ، وَإِنْ قَتَلَ غَالِبًا وَعَلِمَ فَشَرِيكُ جَارِحِ نَفْسِهِ، وَقِيلَ شَرِيكُ مُخْطِئٍ‏.‏

وَلَوْ ضَرَبُوهُ بِسِيَاطٍ فَقَتَلُوهُ، وَضَرْبُ كُلِّ وَاحِدٍ غَيْرُ قَاتِلٍ فَفِي الْقِصَاصِ عَلَيْهِمْ أَوْجُهٌ‏:‏ أَصَحُّهَا يَجِبُ إنْ تَوَاطَئُوا‏.‏

وَمَنْ قَتَلَ جَمْعًا مُرَتَّبًا قُتِلَ بِأَوَّلِهِمْ، أَوْ مَعًا فَبِالْقُرْعَةِ، وَلِلْبَاقِينَ الدِّيَاتُ‏.‏

قُلْت‏:‏ فَلَوْ قَتَلَهُ غَيْرُ الْأَوَّلِ عَصَى وَوَقَعَ قِصَاصًا، وَلِلْأَوَّلِ دِيَةٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

فصل ‏[‏في تغير حال المجروح بحرية أو عصمة أو إهدار إو بمقدار للمضمون به‏]‏

جَرَحَ حَرْبِيًّا أَوْ مُرْتَدًّا أَوْ عَبْدَ نَفْسِهِ فَأَسْلَمَ وَعَتَقَ ثُمَّ مَاتَ بِالْجُرْحِ فَلَا ضَمَانَ‏.‏

وَقِيلَ‏:‏ تَجِبُ دِيَةٌ، وَلَوْ رَمَاهُمَا فَأَسْلَمَ وَعَتَقَ فَلَا قِصَاصَ، وَالْمَذْهَبُ وُجُوبُ دِيَةِ مُسْلِمٍ مُخَفَّفَةً عَلَى الْعَاقِلَةِ‏.‏

وَلَوْ ارْتَدَّ الْمَجْرُوحُ وَمَاتَ بِالسِّرَايَةِ فَالنَّفْسُ هَدَرٌ، وَيَجِبُ قِصَاصُ الْجُرْحِ فِي الْأَظْهَرِ يَسْتَوْفِيهِ قَرِيبُهُ الْمُسْلِمُ، وَقِيلَ الْإِمَامُ، فَإِنْ اقْتَضَى الْجُرْحُ مَالاً وَجَبَ أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ‏:‏ مِنْ أَرْشِهِ وَدِيَةٍ، وَقِيلَ أَرْشُهُ، وَقِيلَ هَدَرٌ‏.‏

وَلَوْ ارْتَدَّ ثُمَّ أَسْلَمَ فَمَاتَ بِالسِّرَايَةِ فَلَا قِصَاصَ، وَقِيلَ إنْ قَصُرَتْ الرِّدَّةُ وَجَبَ، وَتَجِبُ الدِّيَةُ وَفِي قَوْلٍ نِصْفُهَا، وَلَوْ جَرَحَ مُسْلِمٌ ذِمِّيًّا فَأَسْلَمَ أَوْ حُرٌّ عَبْدًا فَعَتَقَ وَمَاتَ بِالسِّرَايَةِ فَلَا قِصَاصَ‏.‏

وَتَجِبُ دِيَةُ مُسْلِمٍ وَهِيَ لِسَيِّدِ الْعَبْدِ، فَإِنْ زَادَتْ عَلَى قِيمَتِهِ فَالزِّيَادَةُ لِوَرَثَتِهِ، وَلَوْ قَطَعَ يَدَ عَبْدٍ فَعَتَقَ ثُمَّ مَاتَ بِسِرَايَةٍ فَلِلسَّيِّدِ الْأَقَلُّ مِنْ الدِّيَةِ الْوَاجِبَةِ وَنِصْفِ قِيمَتِهِ، وَفِي قَوْلٍ الْأَقَلُّ مِنْ الدِّيَةِ وَقِيمَتِهِ، وَلَوْ قَطَعَ يَدَهُ فَعَتَقَ فَجَرَحَهُ آخَرَانِ وَمَاتَ بِسِرَايَتِهِمْ فَلَا قِصَاصَ عَلَى الْأَوَّلِ إنْ كَانَ حُرًّا وَيَجِبُ عَلَى الْآخَرَيْنِ‏.‏

فصل ‏[‏في شروط القصاص في الأطراف والجراحات والمعاني‏]‏

يُشْتَرَطُ لِقِصَاصِ الطَّرَفِ وَالْجُرْحِ مَا شُرِطَ لِلنَّفْسِ‏.‏

وَلَوْ وَضَعُوا سَيْفًا عَلَى يَدِهِ وَتَحَامَلُوا عَلَيْهِ دَفْعَةً فَأَبَانُوهَا قُطِعُوا‏.‏

وَشِجَاجُ الرَّأْسِ وَالْوَجْهِ عَشْرٌ‏:‏ حَارِصَةٌ، وَهِيَ مَا شَقَّ الْجِلْدَ قَلِيلاً، وَدَامِيَةٌ تُدْمِيهِ، وَبَاضِعَةٌ تَقْطَعُ اللَّحْمَ، وَمُتَلَاحِمَةٌ تَغُوصُ فِيهِ، وَسِمْحَاقٌ تَبْلُغُ الْجِلْدَةَ الَّتِي بَيْنَ اللَّحْمِ وَالْعَظْمِ، وَمُوضِحَةٌ تُوضِحُ الْعَظْمَ، وَهَاشِمَةٌ تَهْشِمُهُ، وَمُنَقِّلَةٌ تَنْقُلُهُ، وَمَأْمُومَةٌ تَبْلُغُ خَرِيطَةَ الدِّمَاغِ، وَدَامِغَةٌ تَخْرِقُهَا، وَيَجِبُ الْقِصَاصُ فِي الْمُوضِحَةِ فَقَطْ، وَقِيلَ وَفِيمَا قَبْلَهَا سِوَى الْحَارِصَةِ‏.‏

وَلَوْ أَوْضَحَ فِي بَاقِي الْبَدَنِ أَوْ قَطَعَ بَعْضَ مَارِنٍ أَوْ أُذُنٍ وَلَمْ يُبِنْهُ وَجَبَ الْقِصَاصُ فِي الْأَصَحِّ‏.‏

وَيَجِبُ فِي الْقَطْعِ مِنْ مَفْصِلٍ حَتَّى فِي أَصْلِ فَخِذٍ وَمَنْكِبٍ إنْ أَمْكَنَ بِلَا إجَافَةٍ، وَإِلَّا فَلَا عَلَى الصَّحِيحِ‏.‏

وَيَجِبُ فِي فَقْءِ عَيْنٍ وَقَطْعِ أُذُنٍ وَجَفْنٍ وَمَارِنٍ وَشَفَةٍ وَلِسَانٍ وَذَكَرٍ وَأُنْثَيَيْنِ، وَكَذَا أَلْيَانِ وَشُفْرَانِ، فِي الْأَصَحِّ‏.‏

وَلَا قِصَاصَ فِي كَسْرِ الْعِظَامِ‏.‏

وَلَهُ قَطْعُ أَقْرَبِ مَفْصِلٍ إلَى مَوْضِعِ الْكَسْرِ، وَحُكُومَةُ الْبَاقِي‏.‏

وَلَوْ أَوْضَحَهُ وَهَشَمَ أَوْضَحَ وَأَخَذَ خَمْسَةَ أَبْعِرَةٍ‏.‏

وَلَوْ أَوْضَحَ وَنَقَلَ أَوْضَحَ، وَلَهُ عَشَرَةُ أَبْعِرَةٍ‏.‏

وَلَوْ قَطَعَهُ مِنْ الْكُوعِ فَلَيْسَ لَهُ الْتِقَاطُ أَصَابِعِهِ، فَإِنْ فَعَلَهُ عُزِّرَ وَلَا غُرْمَ، وَالْأَصَحُّ أَنَّ لَهُ قَطْعَ الْكَفِّ بَعْدَهُ‏.‏

وَلَوْ كَسَرَ عَضُدَهُ وَأَبَانَهُ قُطِعَ مِنْ الْمِرْفَقِ، وَلَهُ حُكُومَةُ الْبَاقِي، فَلَوْ طَلَبَ الْكُوعَ مُكِّنَ فِي الْأَصَحِّ‏.‏

وَلَوْ أَوْضَحَهُ فَذَهَبَ ضَوْءُهُ أَوْضَحَهُ فَإِنْ ذَهَبَ الضَّوْءُ وَإِلَّا أَذْهَبَهُ بِأَخَفِّ مُمْكِنٍ كَتَقْرِيبِ حَدِيدَةٍ مُحْمَاةٍ مِنْ حَدَقَتِهِ‏.‏

وَلَوْ لَطَمَهُ لَطْمَةً تُذْهِبُ ضَوْءَهُ غَالِبًا فَذَهَبَ لَطَمَهُ مِثْلَهَا، فَإِنْ لَمْ يَذْهَبْ أُذْهِبَ‏.‏

وَالسَّمْعُ كَالْبَصَرِ يَجِبُ الْقِصَاصُ فِيهِ بِالسِّرَايَةِ‏.‏

وَكَذَا الْبَطْشُ وَالذَّوْقُ وَالشَّمُّ فِي الْأَصَحِّ‏.‏

وَلَوْ قَطَعَ أُصْبُعًا فَتَأَكَّلَ غَيْرُهَا فَلَا قِصَاصَ فِي الْمُتَأَكِّلِ‏.‏

باب كَيْفِيَّةِ الْقِصَاصِ وَمُسْتَوْفِيهِ وَالِاخْتِلَافُ فِيهِ

لَا تُقْطَعُ يَسَارٌ بِيَمِينٍ، وَلَا شَفَةٌ سُفْلَى بِعُلْيَا وَعَكْسُهُ، وَلَا أُنْمُلَةٌ بِأُخْرَى، وَلَا زَائِدٌ بِزَائِدٍ فِي مَحَلٍّ آخَرَ‏.‏

وَلَا يَضُرُّ تَفَاوُتُ كِبَرٍ وَطُولٍ وَقُوَّةِ بَطْشٍ فِي أَصْلِيٍّ، وَكَذَا زَائِدٌ فِي الْأَصَحِّ‏.‏

وَيُعْتَبَرُ قَدْرُ الْمُوضِحَةِ طُولاً وَعَرْضًا‏.‏

وَلَا يَضُرُّ تَفَاوُتُ غِلَظِ لَحْمٍ وَجِلْدٍ‏.‏

وَلَوْ أَوْضَحَ كُلَّ رَأْسِهِ، وَرَأْسُ الشَّاجِّ أَصْغَرُ اسْتَوْعَبْنَاهُ وَلَا نُتَمِّمُهُ مِنْ الْوَجْهِ وَالْقَفَا، بَلْ يُؤْخَذُ قِسْطُ الْبَاقِي مِنْ أَرْشِ الْمُوضِحَةِ لَوْ وُزِّعَ عَلَى جَمِيعِهَا‏.‏

وَإِنْ كَانَ رَأْسُ الشَّاجِّ أَكْبَرَ أُخِذَ قَدْرُ رَأْسِ الْمَشْجُوجِ فَقَطْ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ الِاخْتِيَارَ فِي مَوْضِعِهِ إلَى الْجَانِي‏.‏

وَلَوْ أَوْضَحَ نَاصِيَةً، وَنَاصِيَتُهُ أَصْغَرُ تُمِّمَ مِنْ بَاقِي الرَّأْسِ‏.‏

وَلَوْ زَادَ الْمُقْتَصُّ فِي مُوضِحَةٍ عَلَى حَقِّهِ لَزِمَهُ قِصَاصُ الزِّيَادَةِ، فَإِنْ كَانَ خَطَأً أَوْ عَفَا عَلَى مَالٍ وَجَبَ أَرْشٌ كَامِلٌ، وَقِيلَ قِسْطٌ‏.‏

وَلَوْ أَوْضَحَهُ جَمْعٌ أَوْضَحَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِثْلَهَا، وَقِيلَ قِسْطُهُ‏.‏

وَلَا تُقْطَعُ صَحِيحَةٌ بِشَلَّاءَ، وَإِنْ رَضِيَ الْجَانِي، فَلَوْ فَعَلَ لَمْ يَقَعْ قِصَاصًا بَلْ عَلَيْهِ دِيَتُهَا، فَلَوْ سَرَى فَعَلَيْهِ قِصَاصُ النَّفْسِ، وَتُقْطَعُ الشَّلَّاءُ بِالصَّحِيحَةِ إلَّا أَنْ يَقُولَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ لَا يَنْقَطِعُ الدَّمُ وَيَقْنَعَ بِهَا مُسْتَوْفِيهَا‏.‏

وَيُقْطَعُ سَلِيمٌ بِأَعْسَمَ وَأَعْرَجَ، وَلَا أَثَرَ لِخُضْرَةِ أَظْفَارٍ وَسَوَادِهَا، وَالصَّحِيحُ قَطْعُ ذَاهِبَةِ الْأَظْفَارِ بِسَلِيمَتِهَا دُونَ عَكْسِهِ‏.‏

وَالذَّكَرُ صِحَّةً وَشَلَلاً كَالْيَدِ، وَالْأَشَلُّ‏:‏ مُنْقَبِضٌ لَا يَنْبَسِطُ أَوْ عَكْسُهُ، وَلَا أَثَرَ لِلِانْتِشَارِ وَعَدَمِهِ، فَيُقْطَعُ فَحْلٌ بِخَصِيٍّ، وَعِنِّينٍ‏.‏

وَأَنْفٌ صَحِيحٌ بِأَخْشَمَ‏.‏

وَأُذُنُ سَمِيعٍ بِأَصَمَّ لَا عَيْنٌ صَحِيحَةٌ بِحَدَقَةٍ عَمْيَاءَ‏.‏

وَلَا لِسَانٌ نَاطِقٌ بِأَخْرَسَ‏.‏

وَفِي قَلْعِ السِّنِّ قِصَاصٌ، لَا فِي كَسْرِهَا، وَلَوْ قَلَعَ سِنَّ صَغِيرٍ لَمْ يُثْغِرْ فَلَا ضَمَانَ فِي الْحَالِ، فَإِنْ جَاءَ وَقْتُ نَبَاتِهَا بِأَنْ سَقَطَتْ الْبَوَاقِي وَعُدْنَ دُونَهَا، وَقَالَ أَهْلُ الْبَصَرِ‏:‏ فَسَدَ الْمَنْبَتُ وَجَبَ الْقِصَاصُ، وَلَا يُسْتَوْفَى لَهُ فِي صِغَرِهِ‏.‏

وَلَوْ قَلَعَ سِنَّ مَثْغُورٍ فَنَبَتَتْ لَمْ يَسْقُطْ الْقِصَاصُ فِي الْأَظْهَرِ‏.‏

وَلَوْ نَقَصَتْ يَدُهُ أُصْبُعًا فَقَطَعَ كَامِلَةً قُطِعَ وَعَلَيْهِ أَرْشُ أُصْبُعٍ، وَلَوْ قَطَعَ كَامِلٌ نَاقِصَةً فَإِنْ شَاءَ الْمَقْطُوعُ أَخَذَ دِيَةَ أَصَابِعِهِ الْأَرْبَعِ، وَإِنْ شَاءَ لَقَطَهَا، وَالْأَصَحُّ أَنَّ حُكُومَةَ مَنَابِتِهِنَّ تَجِبُ إنْ لَقَطَ، لَا إنْ أَخَذَ دِيَتَهُنَّ، وَ أَنَّهُ يَجِبُ فِي الْحَالَيْنِ حُكُومَةُ خُمُسِ الْكَفِّ‏.‏

وَلَوْ قَطَعَ كَفًّا بِلَا أَصَابِعَ فَلَا قِصَاصَ إلَّا أَنْ تَكُونَ كَفُّهُ مِثْلَهَا‏.‏

وَلَوْ قَطَعَ فَاقِدُ الْأَصَابِعِ كَامِلَهَا قَطَعَ كَفَّهُ وَأَخَذَ دِيَةَ الْأَصَابِعِ، وَلَوْ شَلَّتْ أُصْبُعَاهُ فَقَطَعَ يَدًا كَامِلَةً، فَإِنْ شَاءَ لَقَطَ الثَّلَاثَ السَّلِيمَةَ وَأَخَذَ دِيَةَ أُصْبُعَيْنِ، وَإِنْ شَاءَ قَطَعَ يَدَهُ وَقَنَعَ بِهَا‏.‏

فَصْلٌ ‏[‏في اختلاف مستحق الدم والجاني‏]‏

قَدَّ مَلْفُوفًا وَزَعَمَ مَوْتَهُ صُدِّقَ الْوَلِيُّ بِيَمِينِهِ فِي الْأَظْهَرِ‏.‏

وَلَوْ قَطَعَ طَرَفًا وَزَعَمَ نَقْصَهُ فَالْمَذْهَبُ تَصْدِيقُهُ إنْ أَنْكَرَ أَصْلَ السَّلَامَةِ فِي عُضْوٍ ظَاهِرٍ، وَإِلَّا فَلَا‏.‏

أَوْ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ فَمَاتَ وَزَعَمَ سِرَايَةً، وَالْوَلِيُّ انْدِمَالاً مُمْكِنًا أَوْ سَبَبًا فَالْأَصَحُّ تَصْدِيقُ الْوَلِيِّ‏.‏

وَكَذَا لَوْ قَطَعَ يَدَهُ وَزَعَمَ سَبَبًا وَالْوَلِيُّ سِرَايَةً‏.‏

وَلَوْ أَوْضَحَهُ مُوضِحَتَيْنِ وَرَفَعَ الْحَاجِزَ وَزَعَمَهُ قَبْلَ انْدِمَالِهِ صُدِّقَ إنْ أَمْكَنَ، وَإِلَّا حَلَفَ الْجَرِيحُ وَثَبَتَ أَرْشَانِ‏.‏

قِيلَ‏:‏ وَثَالِثٌ‏.‏

فَصْلٌ ‏[‏في مستحق القود ومستوفيه وما يتعلق بهما‏]‏

الصَّحِيحُ ثُبُوتُهُ لِكُلِّ وَارِثٍ‏.‏

وَيُنْتَظَرُ غَائِبُهُمْ وَكَمَالُ صَبِيِّهِمْ، وَمَجْنُونِهِمْ‏.‏

وَيُحْبَسُ الْقَاتِلُ وَلَا يُخَلَّى بِكَفِيلٍ، وَلْيَتَّفِقُوا عَلَى مُسْتَوْفٍ‏.‏

وَإِلَّا فَقُرْعَةٌ‏.‏

يَدْخُلُهَا الْعَاجِزُ وَيَسْتَنِيبُ، وَقِيلَ لَا يَدْخُلُ‏.‏

وَلَوْ بَدَرَ أَحَدُهُمْ فَقَتَلَهُ فَالْأَظْهَرُ لَا قِصَاصَ، وَلِلْبَاقِينَ قِسْطُ الدِّيَةِ مِنْ تَرِكَتِهِ، وَفِي قَوْلٍ مِنْ الْمُبَادِرِ‏.‏

وَإِنْ بَادَرَ بَعْدَ غَيْرِهِ لَزِمَهُ الْقِصَاصُ، وَقِيلَ لَا إنْ لَمْ يَعْلَمْ، وَيَحْكُمْ قَاضٍ بِهِ، وَلَا يُسْتَوْفَى قِصَاصٌ إلَّا بِإِذْنِ الْإِمَامِ‏.‏

فَإِنْ اسْتَقَلَّ عُزِّرَ، وَيَأْذَنُ لِأَهْلٍ فِي نَفْسٍ، لَا فِي طَرَفٍ فِي الْأَصَحِّ‏.‏

فَإِنْ أَذِنَ فِي ضَرْبِ رَقَبَةٍ فَأَصَابَ غَيْرَهَا عَمْدًا عُزِّرَ وَلَمْ يَعْزِلْهُ، وَلَوْ قَالَ‏:‏ أَخْطَأْت وَأَمْكَنَ عَزْلُهُ لَمْ يُعَزَّرْ‏.‏

وَأُجْرَةُ الْجَلَّادِ عَلَى الْجَانِي عَلَى الصَّحِيحِ‏.‏

وَيُقْتَصُّ عَلَى الْفَوْرِ، وَفِي الْحَرَمِ وَ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ وَالْمَرَضِ‏.‏

وَتُحْبَسُ الْحَامِلُ فِي قِصَاصِ النَّفْسِ أَوْ الطَّرَفِ حَتَّى تُرْضِعَهُ اللِّبَأَ وَيَسْتَغْنِيَ بِغَيْرِهَا، أَوْ فِطَامِ حَوْلَيْنِ‏.‏

وَالصَّحِيحُ تَصْدِيقُهَا فِي حَمْلِهَا بِغَيْرِ مَخِيلَةٍ‏.‏

وَمَنْ قَتَلَ بِمُحَدَّدٍ أَوْ خَنِقٍ أَوْ تَجْوِيعٍ وَنَحْوِهِ اُقْتُصَّ بِهِ أَوْ بِسِحْرٍ فَبِسَيْفٍ‏.‏

وَكَذَا خَمْرٌ وَلِوَاطٌ فِي الْأَصَحِّ‏.‏

وَلَوْ جُوِّعَ كَتَجْوِيعِهِ فَلَمْ يَمُتْ زِيدَ، وَفِي قَوْلٍ السَّيْفُ‏.‏

وَمَنْ عَدَلَ إلَى سَيْفٍ فَلَهُ‏.‏

وَلَوْ قَطَعَ فَسَرَى فَلِلْوَلِيِّ حَزُّ رَقَبَتِهِ، وَلَهُ الْقَطْعُ ثُمَّ الْحَزُّ، وَإِنْ شَاءَ انْتَظَرَ السِّرَايَةَ‏.‏

وَلَوْ مَاتَ بِجَائِفَةٍ أَوْ كَسْرِ عَضُدٍ فَالْحَزُّ، وَفِي قَوْلٍ كَفِعْلِهِ، فَإِنْ لَمْ يَمُتْ لَمْ تَزِدْ الْجَوَائِفُ فِي الْأَظْهَرِ‏.‏

وَلَوْ اقْتَصَّ مَقْطُوعٌ ثُمَّ مَاتَ سِرَايَةً فَلِوَلِيِّهِ حَزٌّ، وَلَهُ عَفْوٌ بِنِصْفِ دِيَةٍ‏.‏

وَلَوْ قُطِعَتْ يَدَاهُ فَاقْتَصَّ ثُمَّ مَاتَ فَلِوَلِيِّهِ الْحَزُّ، فَإِنْ عَفَا فَلَا شَيْءَ لَهُ‏.‏

وَلَوْ مَاتَ جَانٍ مِنْ قَطْعِ قِصَاصٍ فَهَدَرٌ وَإِنْ مَاتَا سِرَايَةً مَعًا أَوْ سَبَقَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ فَقَدْ اقْتَصَّ، وَإِنْ تَأَخَّرَ فَلَهُ نِصْفُ الدِّيَةِ فِي الْأَصَحِّ‏.‏

وَلَوْ قَالَ مُسْتَحِقُّ يَمِينٍ أَخْرِجْهَا فَأَخْرَجَ يَسَارَهُ وَقَصَدَ إبَاحَتَهَا فَمُهْدَرَةٌ وَإِنْ قَالَ‏:‏ جَعَلْتُهَا عَنْ الْيَمِينِ وَظَنَنْتُ إجْزَاءَهَا فَكَذَّبَهُ فَالْأَصَحُّ لَا قِصَاصَ فِي الْيَسَارِ، وَتَجِبُ دِيَةٌ، وَيَبْقَى قِصَاصُ الْيَمِينِ، وَكَذَا لَوْ قَالَ دُهِشْتُ فَظَنَنْتُهَا الْيَمِينَ‏.‏

وَقَالَ الْقَاطِعُ ظَنَنْتُهَا الْيَمِينَ‏.‏

فصل ‏[‏في موجب العمد وفي العفو‏]‏

مُوجَبُ الْعَمْدِ الْقَوَدُ، وَالدِّيَةُ بَدَلٌ عِنْدَ سُقُوطِهِ، وَفِي قَوْلٍ أَحَدُهُمَا مُبْهَمًا، وَعَلَى الْقَوْلَيْنِ لِلْوَلِيِّ عَفْوٌ عَلَى الدِّيَةِ بِغَيْرِ رِضَا الْجَانِي، وَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ أَطْلَقَ الْعَفْوَ فَالْمَذْهَبُ لَا دِيَةَ وَلَوْ عَفَا عَنْ الدِّيَةِ لَغَا، وَلَهُ الْعَفْوُ بَعْدَهُ عَلَيْهَا، وَلَوْ عَفَا عَلَى غَيْرِ جِنْسِ الدِّيَةِ ثَبَتَ إنْ قَبِلَ الْجَانِي، وَإِلَّا فَلَا، وَلَا يَسْقُطُ الْقَوَدُ فِي الْأَصَحِّ، وَلَيْسَ لِمَحْجُورِ فَلَسٍ عَفْوٌ عَنْ مَالٍ إنْ أَوْجَبْنَا أَحَدَهُمْ، وَإِلَّا فَإِنْ عَفَا عَلَى الدِّيَةِ ثَبَتَتْ، وَإِنْ أَطْلَقَ فَكَمَا سَبَقَ، وَإِنْ عَفَا عَلَى أَنْ لَا مَالَ فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ شَيْءٌ، وَالْمُبَذِّرُ فِي الدِّيَةِ كَمُفْلِسٍ، وَقِيلَ كَصَبِيٍّ‏.‏

وَلَوْ تَصَالَحَا عَنْ الْقَوَدِ عَلَى مِائَتَيْ بَعِيرٍ لَغَا إنْ أَوْجَبْنَا أَحَدَهُمَا، وَإِلَّا فَالْأَصَحُّ الصِّحَّةُ، وَلَوْ قَالَ رَشِيدٌ‏:‏ اقْطَعْنِي فَفَعَلَ فَهَدَرٌ، فَإِنْ سَرَى أَوْ قَالَ اُقْتُلْنِي فَهَدَرٌ وَفِي قَوْلٍ تَجِبُ دِيَةٌ‏.‏

وَلَوْ قُطِعَ فَعَفَا عَنْ قَوَدِهِ وَأَرْشِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْرِ فَلَا شَيْءَ، وَإِنْ سَرَى فَلَا قِصَاصَ‏.‏

وَأَمَّا أَرْشُ الْعُضْوِ فَإِنْ جَرَى لَفْظُ وَصِيَّةٍ كَأَوْصَيْتُ لَهُ بِأَرْشِ هَذِهِ الْجِنَايَةِ فَوَصِيَّةٌ لِقَاتِلٍ، أَوْ لَفْظُ إبْرَاءٍ أَوْ إسْقَاطٍ، أَوْ عَفْوٌ سَقَطَ، وَقِيلَ وَصِيَّةٌ، وَتَجِبُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهِ إلَى تَمَامِ الدِّيَةِ، وَفِي قَوْلٍ إنْ تَعَرَّضَ فِي عَفْوِهِ لِمَا يَحْدُثُ مِنْهَا سَقَطَتْ‏.‏

فَلَوْ سَرَى إلَى عُضْوٍ آخَرَ فَانْدَمَلَ ضَمِنَ دِيَةَ السِّرَايَةِ فِي الْأَصَحِّ‏.‏

وَمَنْ لَهُ قِصَاصُ نَفْسٍ بِسِرَايَةِ طَرَفٍ لَوْ عَفَا عَنْ النَّفْسِ فَلَا قَطْعَ لَهُ، أَوْ عَنْ الطَّرَفِ فَلَهُ حَزُّ الرَّقَبَةِ فِي الْأَصَحِّ‏.‏

وَلَوْ قَطَعَهُ ثُمَّ عَفَا عَنْ النَّفْسِ مَجَّانًا، فَإِنْ سَرَى الْقَطْعُ بَانَ بُطْلَانُ الْعَفْوِ، وَإِلَّا فَيَصِحُّ‏.‏

وَلَوْ وَكَّلَ ثُمَّ عَفَا فَاقْتَصَّ الْوَكِيلُ جَاهِلاً فَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِ، وَالْأَظْهَرُ وُجُوبُ دِيَةٍ، وَأَنَّهَا عَلَيْهِ لَا عَلَى عَاقِلَتِهِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ بِهَا عَلَى الْعَافِي‏.‏

وَلَوْ وَجَبَ قِصَاصٌ عَلَيْهَا فَنَكَحَهَا عَلَيْهِ جَازَ وَسَقَطَ، فَإِنْ فَارَقَ قَبْلَ الْوَطْءِ رَجَعَ بِنِصْفِ الْأَرْشِ، وَفِي قَوْلٍ بِنِصْفِ مَهْرِ مِثْلٍ‏.‏

كتاب الدِّيَاتِ

فِي قَتْلِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ مِائَةُ بَعِيرٍ مُثَلَّثَةٌ فِي الْعَمْدِ‏:‏ ثَلَاثُونَ حِقَّةً، وَثَلَاثُونَ جَذَعَةً، وَأَرْبَعُونَ خَلِفَةً‏:‏ أَيْ حَامِلاً، وَمُخَمَّسَةٌ فِي الْخَطَأِ‏:‏ عِشْرُونَ بِنْتَ مَخَاضٍ، وَكَذَا بَنَاتُ لَبُونٍ وَبَنُو لَبُونٍ وَحِقَاقٌ، وَجِذَاعٌ‏.‏

فَإِنْ قَتَلَ خَطَأً فِي حَرَمِ مَكَّةَ أَوْ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ‏:‏ ذِي الْقَعْدَةِ وَذِي الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمِ وَرَجَبٍ‏.‏

أَوْ مَحْرَمًا ذَا رَحِمٍ فَمُثَلَّثَةٌ‏.‏

وَالْخَطَأُ وَإِنْ تَثَلَّثَ فَعَلَى الْعَاقِلَةِ مُؤَجَّلَةٌ‏.‏

وَالْعَمْدُ عَلَى الْجَانِي مُعَجَّلَةٌ‏.‏

وَشِبْهُ الْعَمْدِ مُثَلَّثَةٌ عَلَى الْعَاقِلَةِ مُؤَجَّلَةٌ‏.‏

وَلَا يُقْبَلُ مَعِيبٌ وَمَرِيضٌ إلَّا بِرِضَاهُ، وَيَثْبُتُ حَمْلُ الْخَلِفَةِ بِأَهْلِ خِبْرَةٍ، وَالْأَصَحُّ إجْزَاؤُهَا قَبْلَ خَمْسِ سِنِينَ، وَمَنْ لَزِمَتْهُ وَلَهُ إبِلٌ فَمِنْهَا، وَقِيلَ مِنْ غَالِبِ إبِلِ بَلَدِهِ، وَإِلَّا فَغَالِبِ قَبِيلَةِ بَدَوِيٍّ، وَإِلَّا فَأَقْرَبِ بِلَادٍ، وَلَا يَعْدِلُ إلَى نَوْعٍ وَقِيمَةٍ إلَّا بِتَرَاضٍ، وَلَوْ عُدِمَتْ فَالْقَدِيمُ أَلْفُ دِينَارٍ أَوْ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ‏.‏

وَالْجَدِيدُ قِيمَتُهَا بِنَقْدِ بَلَدِهِ‏.‏

وَإِنْ وُجِدَ بَعْضٌ أُخِذَ وَقِيمَةُ الْبَاقِي، وَالْمَرْأَةُ وَالْخُنْثَى كَنِصْفِ رَجُلٍ نَفْسًا وَجُرْحًا‏.‏

وَيَهُودِيٌّ وَنَصْرَانِيٌّ ثُلُثُ مُسْلِمٍ‏.‏

وَمَجُوسِيٌّ ثُلُثَا عُشْرِ مُسْلِمٍ، وَكَذَا وَثَنِيٌّ لَهُ أَمَانٌ‏.‏

وَالْمَذْهَبُ أَنَّ مَنْ لَمْ يَبْلُغْهُ الْإِسْلَامُ إنْ تَمَسَّكَ بِدِينٍ لَمْ يُبَدَّلْ فَدِيَةُ دِينِهِ، وَإِلَّا فَكَمَجُوسِيٍّ‏.‏

فصل ‏[‏في موجب ما دون النفس من جرح أو نحوه‏]‏

فِي مُوضِحَةِ الرَّأْسِ أَوْ الْوَجْهِ لِحُرٍّ مُسْلِمٍ خَمْسَةُ أَبْعِرَةٍ، وَهَاشِمَةٍ مَعَ إيضَاحٍ عَشَرَةٌ، وَدُونَهُ خَمْسَةٌ، وَقِيلَ حُكُومَةٌ‏.‏

وَمُنَقِّلَةٍ خَمْسَةَ عَشَرَ وَمَأْمُومَةٍ ثُلُثُ الدِّيَةِ‏.‏

وَلَوْ أَوْضَحَ فَهَشَمَ آخَرُ، وَنَقَّلَ ثَالِثٌ، وَأَمَّ رَابِعٌ فَعَلَى كُلٍّ مِنْ الثَّلَاثَةِ خَمْسَةٌ، وَالرَّابِعِ تَمَامُ الثُّلُثِ‏.‏

وَالشِّجَاجُ قَبْلَ الْمُوضِحَةِ إنْ عُرِفَتْ نِسْبَتُهَا مِنْهَا وَجَبَ قِسْطٌ مِنْ أَرْشِهَا، وَإِلَّا فَحُكُومَةٌ كَجُرْحِ سَائِرِ الْبَدَنِ‏.‏

وَفِي جَائِفَةٍ ثُلُثُ دِيَةٍ، وَهِيَ جُرْحٌ يَنْفُذُ إلَى جَوْفٍ كَبَطْنٍ وَصَدْرٍ، وَثُغْرَةِ نَحْرٍ وَجَبِينٍ وَخَاصِرَةٍ‏.‏

وَلَوْ أَوْضَحَ مَوْضِعَيْنِ بَيْنَهُمَا لَحْمٌ وَجِلْدٌ قِيلَ أَوْ أَحَدُهُمَا فَمُوضِحَتَانِ‏.‏

وَلَوْ انْقَسَمَتْ مُوضِحَتُهُ عَمْدًا وَخَطَأً أَوْ شَمِلَتْ رَأْسًا وَوَجْهًا فَمُوضِحَتَانِ، وَقِيلَ مُوضِحَةٌ، وَلَوْ وَسَّعَ مُوضِحَتَهُ فَوَاحِدَةٌ عَلَى الصَّحِيحِ أَوْ غَيْرُهُ فَثِنْتَانِ‏.‏

وَالْجَائِفَةُ كَمُوضِحَةٍ فِي التَّعَدُّدِ‏.‏

وَلَوْ نَفَذَتْ فِي بَطْنٍ وَخَرَجَتْ مِنْ ظَهْرٍ فَجَائِفَتَانِ فِي الْأَصَحِّ، وَلَوْ أَوْصَلَ جَوْفَهُ سِنَانًا لَهُ طَرَفَانِ فَثِنْتَانِ‏.‏

وَلَا يَسْقُطُ أَرْشٌ بِالْتِحَامِ مُوضِحَةٍ وَجَائِفَةٍ‏.‏

وَالْمَذْهَبُ أَنَّ فِي الْأُذُنَيْنِ دِيَةً لَا حُكُومَةً، وَبَعْضٌ بِقِسْطِهِ، وَلَوْ أَيْبَسَهُمَا فَدِيَةٌ، وَفِي قَوْلٍ حُكُومَةٌ‏.‏

وَلَوْ قَطَعَ يَابِسَتَيْنِ فَحُكُومَةٌ، وَفِي قَوْلٍ دِيَةٌ‏.‏

وَفِي كُلِّ عَيْنٍ نِصْفُ دِيَةٍ، وَلَوْ عَيْنُ أَحْوَلَ وَأَعْمَشَ وَأَعْوَرَ، وَكَذَا مَنْ بِعَيْنِهِ بَيَاضٌ لَا يُنْقِصُ الضَّوْءَ، فَإِنْ نَقَصَ فَقِسْطٌ، فَإِنْ لَمْ يَنْضَبِطْ فَحُكُومَةٌ‏.‏

وَفِي كُلِّ جَفْنٍ رُبْعُ دِيَةٍ، وَلَوْ لِأَعْمَى‏.‏

وَمَارِنٍ دِيَةٌ، وَفِي كُلٍّ مِنْ طَرَفَيْهِ وَالْحَاجِزِ ثُلُثٌ، وَقِيلَ فِي الْحَاجِزِ حُكُومَةٌ، وَفِيهِمَا دِيَةٌ‏.‏

وَفِي كُلِّ شَفَةٍ نِصْفُ دِيَةٍ‏.‏

وَلِسَانٍ وَلَوْ لِأَلْكَنَ وَأَرَتَّ وَأَلْثَغَ وَطِفْلٍ دِيَةٌ، وَقِيلَ شَرْطُ الطِّفْلِ ظُهُورُ أَثَرِ نُطْقٍ بِتَحْرِيكِهِ لِبُكَاءٍ وَمَصٍّ، وَلِأَخْرَسَ حُكُومَةٌ‏.‏

وَكُلِّ سِنٍّ لِذَكَرٍ حُرٍّ مُسْلِمٍ خَمْسَةُ أَبْعِرَةٍ سَوَاءٌ أَكَسَرَ الظَّاهِرَ مِنْهَا دُونَ السِّنْخِ أَوْ قَلَعَهَا بِهِ‏.‏

وَفِي سِنٍّ زَائِدَةٍ حُكُومَةٌ، وَحَرَكَةُ السِّنِّ إنْ قَلَّتْ فَكَصَحِيحَةٍ وَإِنْ بَطَلَتْ الْمَنْفَعَةُ فَحُكُومَةٌ، أَوْ نَقَصَتْ فَالْأَصَحُّ كَصَحِيحَةٍ‏.‏

وَلَوْ قَلَعَ سِنَّ صَغِيرٍ لَمْ يُثْغَرْ فَلَمْ تَعُدْ وَبَانَ فَسَادُ الْمَنْبَتِ وَجَبَ الْأَرْشُ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ قَبْلَ الْبَيَانِ فَلَا شَيْءَ، وَأَنَّهُ لَوْ قَلَعَ سِنَّ مَثْغُورٍ فَعَادَتْ لَا يَسْقُطُ الْأَرْشُ، وَلَوْ قُلِعَتْ الْأَسْنَانُ فَبِحِسَابِهِ، وَفِي قَوْلٍ لَا يَزِيدُ عَلَى دِيَةٍ إنْ اتَّحَدَ جَانٍ وَجِنَايَةٌ‏.‏

وَكُلِّ لَحْيٍ نِصْفُ دِيَةٍ وَلَا يَدْخُلُ أَرْشُ الْأَسْنَانِ فِي دِيَةِ اللَّحْيَيْنِ فِي الْأَصَحِّ‏.‏

وَكُلِّ يَدٍ نِصْفُ دِيَةٍ إنْ قُطِعَ مِنْ كَفٍّ، فَإِنْ قُطِعَ مِنْ فَوْقِهِ فَحُكُومَةٌ أَيْضًا‏.‏

وَفِي كُلِّ أُصْبُعٍ عَشَرَةُ أَبْعِرَةٍ، وَأُنْمُلَةٍ ثُلُثُ الْعَشَرَةِ، وَأُنْمُلَةِ الْإِبْهَامِ نِصْفُهَا‏.‏

وَالرِّجْلَانِ كَالْيَدَيْنِ‏.‏

وَفِي حَلَمَتَيْهَا دِيَتُهَا، وَحَلَمَتَيْهِ حُكُومَةٌ، وَفِي قَوْلٍ دِيَتُهُ‏.‏

وَفِي أُنْثَيَيْنِ دِيَةٌ‏.‏

وَكَذَا ذَكَرٌ وَلَوْ لِصَغِيرٍ وَشَيْخٍ وَعِنِّينٍ‏.‏

وَحَشَفَةٌ كَذَكَرٍ، وَبَعْضُهَا بِقِسْطِهِ مِنْهَا وَقِيلَ مِنْ الذَّكَرِ، وَكَذَا حُكْمُ بَعْضِ مَارِنٍ، وَحَلَمَةٍ‏.‏

وَفِي الْأَلْيَتَيْنِ الدِّيَةُ وَكَذَا شُفْرَاهَا وَكَذَا سَلْخُ جِلْدٍ، إنْ بَقِيَ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ، وَحَزَّ غَيْرُ السَّالِخِ رَقَبَتَهُ‏.‏

فَرْعٌ ‏[‏في موجب إزالة المنافع‏]‏

فِي الْعَقْلِ دِيَةٌ، فَإِنْ زَالَ بِجُرْحٍ لَهُ أَرْشٌ أَوْ حُكُومَةٌ وَجَبَا، وَفِي قَوْلٍ يَدْخُلُ الْأَقَلُّ فِي الْأَكْثَرِ‏.‏

وَلَوْ ادَّعَى زَوَالَهُ فَإِنْ لَمْ يَنْتَظِمْ قَوْلُهُ وَفِعْلُهُ فِي خَلَوَاتِهِ فَلَهُ دِيَةٌ بِلَا يَمِينٍ‏.‏

وَفِي السَّمْعِ دِيَةٌ، وَمِنْ أُذُنٍ نِصْفٌ، وَقِيلَ قِسْطُ النَّقْصِ‏.‏

وَلَوْ أَزَالَ أُذُنَيْهِ وَسَمْعَهُ فَدِيَتَانِ‏.‏

وَلَوْ ادَّعَى زَوَالَهُ وَانْزَعَجَ لِلصِّيَاحِ فِي نَوْمٍ وَغَفْلَةٍ فَكَاذِبٌ، وَإِلَّا حُلِّفَ وَأَخَذَ دِيَةً‏.‏

وَإِنْ نَقَصَ فَقِسْطُهُ إنْ عُرِفَ وَإِلَّا فَحُكُومَةٌ بِاجْتِهَادِ قَاضٍ، وَقِيلَ يُعْتَبَرُ سَمْعُ قَرْنِهِ فِي صِحَّتِهِ، وَيُضْبَطُ التَّفَاوُتُ‏.‏

وَإِنْ نَقَصَ مِنْ أُذُنٍ سُدَّتْ وَضُبِطَ مُنْتَهَى سَمَاعِ الْأُخْرَى ثُمَّ عُكِسَ وَوَجَبَ قِسْطُ التَّفَاوُتِ‏.‏

وَفِي ضَوْءِ كُلِّ عَيْنٍ نِصْفُ دِيَةٍ فَلَوْ فَقَأَهَا لَمْ يَزِدْ‏.‏

وَإِنْ ادَّعَى زَوَالَهُ سُئِلَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ، أَوْ يُمْتَحَنُ بِتَقْرِيبِ عَقْرَبٍ أَوْ حَدِيدَةٍ مِنْ عَيْنِهِ بَغْتَةً، وَنُظِرَ هَلْ يَنْزَعِجُ‏؟‏ وَإِنْ نَقَصَ فَكَالسَّمْعِ‏.‏

وَفِي الشَّمِّ دِيَةٌ عَلَى الصَّحِيحِ، وَفِي الْكَلَامِ الدِّيَةُ، وَفِي بَعْضِ الْحُرُوفِ قِسْطُهُ، وَالْمُوَزَّعُ عَلَيْهَا ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ حَرْفًا فِي لُغَةِ الْعَرَبِ، وَقِيلَ لَا يُوَزَّعُ عَلَى الشَّفَهِيَّةِ وَالْحَلْقِيَّةِ‏.‏

وَلَوْ عَجَزَ عَنْ بَعْضِهَا خِلْقَةً أَوْ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ فَدِيَةٌ، وَقِيلَ قِسْطٌ أَوْ بِجِنَايَةٍ فَالْمَذْهَبُ لَا تَكْمُلُ دِيَةٌ‏.‏

وَلَوْ قَطَعَ نِصْفَ لِسَانِهِ فَذَهَبَ رُبْعُ كَلَامِهِ أَوْ عَكْسٌ فَنِصْفُ دِيَةٍ‏.‏

وَفِي الصَّوْتِ دِيَةٌ‏.‏

فَإِنْ أَبْطَلَ مَعَهُ حَرَكَةَ لِسَانٍ فَعَجَزَ عَنْ التَّقْطِيعِ وَالتَّرْدِيدِ فَدِيَتَانِ، وَقِيلَ دِيَةٌ‏.‏

وَفِي الذَّوْقِ دِيَةٌ، وَيُدْرَكُ بِهِ حَلَاوَةٌ وَحُمُوضَةٌ وَمَرَارَةٌ وَمُلُوحَةٌ وَعُذُوبَةٌ، وَتُوَزَّعُ عَلَيْهِنَّ، فَإِنْ نَقَصَ فَحُكُومَةٌ‏.‏

وَتَجِبُ الدِّيَةُ فِي الْمَضْغِ‏.‏

وَقُوَّةِ إمْنَاءٍ بِكَسْرِ صُلْبٍ‏.‏

وَقُوَّةِ حَبَلٍ وَذَهَابِ جِمَاعٍ، وَفِي إفْضَائِهَا مِنْ الزَّوْجِ وَغَيْرِهِ دِيَةٌ وَهُوَ رَفْعُ مَا بَيْنَ مَدْخَلِ ذَكَرٍ وَدُبُرٍ، وَقِيلَ ذَكَرٍ وَبَوْلٍ‏.‏

فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ الْوَطْءُ إلَّا بِإِفْضَاءٍ فَلَيْسَ لِلزَّوْجِ‏.‏

وَمَنْ لَا يَسْتَحِقُّ افْتِضَاضَهَا فَأَزَالَ الْبَكَارَةَ بِغَيْرِ ذَكَرٍ فَأَرْشُهَا، أَوْ بِذَكَرٍ لِشُبْهَةٍ أَوْ مُكْرَهَةً فَمَهْرُ مِثْلٍ ثَيِّبًا وَأَرْشُ الْبَكَارَةِ، وَقِيلَ مَهْرُ بِكْرٍ، وَمُسْتَحِقُّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَقِيلَ إنْ أَزَالَ بِغَيْرِ ذَكَرٍ فَأَرْشٌ‏.‏

وَفِي الْبَطْشِ دِيَةٌ وَكَذَا الْمَشْيُ، وَنَقْصِهِمَا‏:‏ حُكُومَةٌ‏.‏

وَلَوْ كَسَرَ صُلْبَهُ فَذَهَبَ مَشْيُهُ وَجِمَاعُهُ أَوْ وَمَنِيُّهُ فَدِيَتَانِ، وَقِيلَ دِيَةٌ‏.‏

فَرْعٌ ‏[‏في اجتماع جنايات على شخص‏]‏

أَزَالَ أَطْرَافًا وَلَطَائِفَ تَقْتَضِي دِيَاتٍ فَمَاتَ سِرَايَةً فَدِيَةٌ‏.‏

وَكَذَا لَوْ حَزَّهُ الْجَانِي قَبْلَ انْدِمَالِهِ فِي الْأَصَحِّ‏.‏

فَإِنْ حَزَّ عَمْدًا وَالْجِنَايَاتُ خَطَأٌ أَوْ عَكْسُهُ فَلَا تَدَاخُلَ فِي الْأَصَحِّ وَلَوْ حَزَّ غَيْرُهُ تَعَدَّدَتْ‏.‏

فَصْلٌ ‏[‏في الجناية التي لا تقدير لأرشها والجناية على الرقيق‏]‏

تَجِبُ الْحُكُومَةُ فِيمَا لَا مُقَدَّرَ فِيهِ‏:‏ وَهِيَ جُزْءٌ نِسْبَتُهُ إلَى دِيَةِ النَّفْسِ، وَقِيلَ إلَى عُضْوِ الْجِنَايَةِ نِسْبَةُ نَقْصِهَا مِنْ قِيمَتِهِ لَوْ كَانَ رَقِيقًا بِصِفَاتِهِ‏.‏

فَإِنْ كَانَتْ بِطَرَفٍ لَهُ مُقَدَّرٌ اُشْتُرِطَ أَنْ لَا تَبْلُغَ مُقَدَّرَهُ فَإِنْ بَلَغَتْهُ نَقَّصَ الْقَاضِي شَيْئًا بِاجْتِهَادِهِ، أَوْ لَا تَقْدِيرَ فِيهِ كَفَخِذٍ فَأَنْ لَا تَبْلُغَ دِيَةَ نَفْسٍ، وَيُقَوَّمُ بَعْدَ انْدِمَالِهِ فَإِنْ لَمْ يَبْقَ نَقْصٌ اُعْتُبِرَ أَقْرَبُ نَقْصٍ إلَى الِانْدِمَالِ، وَقِيلَ يُقَدِّرُهُ قَاضٍ بِاجْتِهَادِهِ، وَقِيلَ لَا غُرْمَ‏.‏

وَالْجُرْحُ الْمُقَدَّرُ كَمُوضِحَةٍ يَتْبَعُهُ الشَّيْنُ حَوَالَيْهِ‏.‏

وَمَا لَا يَتَقَدَّرُ يُفْرَدُ بِحُكُومَةٍ فِي الْأَصَحِّ‏.‏

وَفِي نَفْسِ الرَّقِيقِ قِيمَتُهُ، وَفِي غَيْرِهَا مَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ إنْ لَمْ يَتَقَدَّرْ فِي الْحُرِّ، وَإِلَّا فَنِسْبَتُهُ مِنْ قِيمَتِهِ، وَفِي قَوْلٍ مَا نَقَصَ‏.‏

وَلَوْ قَطَعَ ذَكَرَهُ وَأُنْثَيَاهُ فَفِي الْأَظْهَرِ قِيمَتَانِ، وَالثَّانِي مَا نَقَصَ، فَإِنْ لَمْ يَنْقُصْ فَلَا شَيْءَ

باب مُوجِبَاتِ الدِّيَةِ وَالْعَاقِلَةِ وَالْكَفَّارَةِ

صَاحَ عَلَى صَبِيٍّ لَا يُمَيِّزُ عَلَى طَرَفِ سَطْحٍ فَوَقَعَ بِذَلِكَ فَمَاتَ فَدِيَةٌ مُغَلَّظَةٌ عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَفِي قَوْلٍ قِصَاصٌ‏.‏

وَلَوْ كَانَ بِأَرْضٍ، أَوْ صَاحَ عَلَى بَالِغٍ بِطَرَفِ سَطْحٍ فَلَا دِيَةَ فِي الْأَصَحِّ‏.‏

وَشَهْرُ سِلَاحٍ كَصِيَاحٍ، وَمُرَاهِقٌ مُتَيَقِّظٌ كَبَالِغٍ وَلَوْ صَاحَ عَلَى صَيْدٍ فَاضْطَرَبَ صَبِيٌّ وَسَقَطَ فَدِيَةٌ مُخَفَّفَةٌ عَلَى الْعَاقِلَةِ‏.‏

وَلَوْ طَلَبَ سُلْطَانٌ مَنْ ذُكِرَتْ بِسُوءٍ فَأُجْهِضَتْ ضُمِنَ الْجَنِينُ‏.‏

وَلَوْ وَضَعَ صَبِيًّا فِي مَسْبَعَةٍ فَأَكَلَهُ سَبُعٌ فَلَا ضَمَانَ، وَقِيلَ إنْ لَمْ يُمْكِنْهُ انْتِقَالٌ ضَمِنَ‏.‏

وَلَوْ تَبِعَ بِسَيْفٍ هَارِبًا مِنْهُ فَرَمَى نَفْسَهُ بِمَاءٍ أَوْ نَارٍ أَوْ مِنْ سَطْحٍ فَلَا ضَمَانَ، فَلَوْ وَقَعَ جَاهِلاً لِعَمًى أَوْ ظُلْمَةٍ ضَمِنَ، وَكَذَا لَوْ انْخَسَفَ بِهِ سَقْفٌ فِي هَرَبِهِ فِي الْأَصَحِّ‏.‏

وَلَوْ سُلِّمَ صَبِيٌّ إلَى سَبَّاحٍ لِيُعَلِّمَهُ فَغَرِقَ وَجَبَتْ دِيَتُهُ‏.‏

وَيَضْمَنُ بِحَفْرِ بِئْرٍ عُدْوَانٍ، لَا فِي مِلْكِهِ وَمَوَاتٍ‏.‏

وَلَوْ حَفَرَ بِدِهْلِيزِهِ بِئْرًا وَدَعَا رَجُلاً فَسَقَطَ فَالْأَظْهَرُ ضَمَانُهُ، أَوْ بِمِلْكِ غَيْرِهِ أَوْ مُشْتَرَكٍ بِلَا إذْنٍ فَمَضْمُونٌ‏.‏

أَوْ بِطَرِيقٍ ضَيِّقٍ يَضُرُّ الْمَارَّةَ فَكَذَا، أَوْ لَا يَضُرُّ وَأَذِنَ الْإِمَامُ فَلَا ضَمَانَ، وَإِلَّا فَإِنْ حَفَرَ لِمَصْلَحَتِهِ فَالضَّمَانُ، أَوْ لِمَصْلَحَةٍ عَامَّةٍ فَلَا فِي الْأَظْهَرِ، وَمَسْجِدٌ كَطَرِيقٍ‏.‏

وَمَا تَوَلَّدَ مِنْ جَنَاحٍ إلَى شَارِعٍ فَمَضْمُونٌ‏.‏

وَيَحِلُّ إخْرَاجُ الْمَيَازِيبِ إلَى شَارِعٍ، وَالتَّالِفُ بِهَا مَضْمُونٌ فِي الْجَدِيدِ، فَإِنْ كَانَ بَعْضُهُ فِي الْجِدَارِ فَسَقَطَ الْخَارِجُ فَكُلُّ الضَّمَانِ، وَإِنْ سَقَطَ كُلُّهُ فَنِصْفُهُ فِي الْأَصَحِّ‏.‏

وَإِنْ بَنَى جِدَارَهُ مَائِلاً إلَى شَارِعٍ فَكَجَنَاحٍ‏.‏

أَوْ مُسْتَوِيًا فَمَالَ وَسَقَطَ فَلَا ضَمَانَ، وَقِيلَ إنْ أَمْكَنَهُ هَدْمُهُ وَإِصْلَاحُهُ ضَمِنَ، وَلَوْ سَقَطَ بِالطَّرِيقِ فَعَثَرَ بِهِ شَخْصٌ أَوْ تَلِفَ مَالٌ فَلَا ضَمَانَ فِي الْأَصَحِّ‏.‏

وَلَوْ طَرَحَ قُمَامَاتٍ وَقُشُورَ بِطِّيخٍ بِطَرِيقٍ فَمَضْمُونٌ عَلَى الصَّحِيحِ وَلَوْ تَعَاقَبَ سَبَبَا هَلَاكٍ فَعَلَى الْأَوَّلِ بِأَنْ حَفَرَ وَوَضَعَ آخَرُ حَجَرًا عُدْوَانًا فَعُثِرَ بِهِ وَوَقَعَ الْعَاثِرُ بِهَا فَعَلَى الْوَاضِعِ الضَّمَانُ، فَإِنْ لَمْ يَتَعَدَّ الْوَاضِعُ فَالْمَنْقُولُ تَضْمِينُ الْحَافِرِ‏.‏

وَلَوْ وَضَعَ حَجَرًا وَآخَرَانِ حَجَرًا فَعُثِرَ بِهِمَا فَالضَّمَانُ أَثْلَاثٌ، وَقِيلَ نِصْفَانِ‏.‏

وَلَوْ وَضَعَ حَجَرًا فَعَثَرَ بِهِ رَجُلٌ فَدَحْرَجَهُ فَعَثَرَ بِهِ آخَرُ ضَمِنَهُ الْمُدَحْرِجُ، وَلَوْ عَثَرَ بِقَاعِدٍ أَوْ نَائِمٍ أَوْ وَاقِفٍ بِالطَّرِيقِ وَمَاتَا أَوْ أَحَدُهُمَا فَلَا ضَمَانَ إنْ اتَّسَعَ الطَّرِيقُ، وَإِلَّا فَالْمَذْهَبُ إهْدَارُ قَاعِدٍ وَنَائِمٍ، لَا عَاثِرٍ بِهِمَا وَضَمَانُ وَاقِفٍ لَا عَاثِرٍ بِهِ‏.‏

فَصْلٌ ‏[‏في الاصطدام ونحوه مما يوجب الاشتراك في الضمان وما يذكر مع ذلك‏]‏

اصْطَدَمَا بِلَا قَصْدٍ فَعَلَى عَاقِلَةِ كُلٍّ نِصْفُ دِيَةٍ مُخَفَّفَةٍ‏.‏

وَإِنْ قَصَدَا فَنِصْفُهَا مُغَلَّظَةٌ، أَوْ أَحَدُهُمَا فَلِكُلٍّ حُكْمُهُ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ عَلَى كُلٍّ كَفَّارَتَيْنِ، وَإِنْ مَاتَا مَعَ مَرْكُوبَيْهِمَا فَكَذَلِكَ، وَفِي تَرِكَةِ كُلٍّ نِصْفُ قِيمَةِ دَابَّةِ الْآخَرِ، وَصَبِيَّانِ أَوْ مَجْنُونَانِ كَكَامِلَيْنِ، وَقِيلَ إنْ أَرْكَبَهُمَا الْوَلِيُّ تَعَلَّقَ بِهِ الضَّمَانُ، وَلَوْ أَرْكَبَهُمَا أَجْنَبِيٌّ ضَمِنَهُمَا وَدَابَّتَيْهِمَا‏.‏

أَوْ حَامِلَانِ وَأَسْقَطَتَا فَالدِّيَةُ كَمَا سَبَقَ، وَعَلَى كُلٍّ أَرْبَعُ كَفَّارَاتٍ عَلَى الصَّحِيحِ، وَعَلَى عَاقِلَةِ كُلٍّ نِصْفُ غُرَّتَيْ جَنِينَيْهِمَا‏.‏

أَوْ عَبْدَانِ فَهَدَرٌ أَوْ سَفِينَتَانِ فَكَدَابَّتَيْنِ، وَالْمَلَّاحَانِ كَرَاكِبَيْنِ إنْ كَانَتَا لَهُمَا، فَإِنْ كَانَ فِيهِمَا مَالُ أَجْنَبِيٍّ لَزِمَ كُلًّا نِصْفُ ضَمَانِهِ، وَإِنْ كَانَتَا لِأَجْنَبِيٍّ لَزِمَ كُلًّا نِصْفُ قِيمَتِهِمَا‏.‏

وَلَوْ أَشْرَفَتْ سَفِينَةٌ عَلَى غَرَقٍ جَازَ طَرْحُ مَتَاعِهَا، وَيَجِبُ لِرَجَاءِ نَجَاةِ الرَّاكِبِ، فَإِنْ طَرَحَ مَالَ غَيْرِهِ بِلَا إذْنٍ ضَمِنَهُ، وَإِلَّا فَلَا‏.‏

وَلَوْ قَالَ‏:‏ أَلْقِ مَتَاعَك وَعَلَيَّ ضَمَانُهُ، أَوْ عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ ضَمِنَهُ‏.‏

وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى أَلْقِ فَلَا عَلَى الْمَذْهَبِ وَإِنَّمَا يَضْمَنُ مُلْتَمِسٌ لِخَوْفِ غَرَقٍ، وَلَمْ يَخْتَصَّ نَفْعُ الْإِلْقَاءِ بِالْمُلْقِي‏.‏

وَلَوْ عَادَ حَجَرُ مَنْجَنِيقٍ فَقَتَلَ أَحَدَ رُمَاتِهِ هُدِرَ قِسْطُهُ، وَعَلَى عَاقِلَةِ الْبَاقِينَ الْبَاقِي، أَوْ غَيْرِهِمْ وَلَمْ يَقْصِدُوهُ فَخَطَأٌ أَوْ قَصَدُوهُ فَعَمْدٌ فِي الْأَصَحِّ إنْ غَلَبَتْ الْإِصَابَةُ‏.‏

فَصْلٌ ‏[‏في العاقلة وكيفية تأجيل ما تحمله‏]‏

دِيَةُ الْخَطَأِ وَشِبْهِ الْعَمْدِ تَلْزَمُ الْعَاقِلَةَ‏:‏ وَهُمْ عَصَبَتُهُ إلَّا الْأَصْلَ وَالْفَرْعَ وَقِيلَ يَعْقِلُ ابْنٌ هُوَ ابْنُ ابْنِ عَمِّهَا، وَيُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ، فَإِنْ بَقِيَ شَيْءٌ فَمَنْ يَلِيهِ، وَمُدْلٍ بِأَبَوَيْنِ، وَالْقَدِيمُ التَّسْوِيَةُ، ثُمَّ مُعْتِقٌ ثُمَّ عَصَبَتُهُ ثُمَّ مُعْتِقُهُ ثُمَّ عَصَبَتُهُ وَإِلَّا فَمُعْتِقُ أَبِي الْجَانِي ثُمَّ عَصَبَتُهُ ثُمَّ مُعْتِقُ مُعْتِقِ الْأَبِ وَعَصَبَتُهُ وَكَذَا أَبَدًا، وَعَتِيقُهَا يَعْقِلُهُ عَاقِلَتُهَا، وَمُعْتِقُونَ كَمُعْتِقٍ، وَكُلُّ شَخْصٍ مِنْ عَصَبَةِ كُلِّ مُعْتِقٍ يَحْمِلُ مَا كَانَ يَحْمِلُهُ ذَلِكَ الْمُعْتِقُ‏.‏

وَلَا يَعْقِلُ عَتِيقٌ فِي الْأَظْهَرِ، فَإِنْ فُقِدَ الْعَاقِلُ أَوْ لَمْ يَفِ عَقَلَ بَيْتُ الْمَالِ عَنْ الْمُسْلِمِ، فَإِنْ فُقِدَ فَكُلُّهُ عَلَى الْجَانِي فِي الْأَظْهَرِ‏.‏

وَتُؤَجَّلُ عَلَى الْعَاقِلَةِ دِيَةُ نَفْسٍ كَامِلَةٍ ثَلَاثَ سِنِينَ فِي كُلِّ سَنَةٍ ثُلُثٌ‏.‏

وَذِمِّيٍّ سَنَةً، وَقِيلَ ثَلَاثًا، وَامْرَأَةٍ سَنَتَيْنِ فِي الْأُولَى ثُلُثٌ، وَقِيلَ ثَلَاثًا‏.‏

وَتَحْمِلُ الْعَاقِلَةُ الْعَبْدَ فِي الْأَظْهَرِ، فَفِي كُلِّ سَنَةٍ قَدْرُ ثُلُثِ دِيَةٍ، وَقِيلَ فِي ثَلَاثٍ‏.‏

وَلَوْ قَتَلَ رَجُلَيْنِ فَفِي ثَلَاثٍ، وَقِيلَ سِتٌّ، وَالْأَطْرَافُ فِي كُلِّ سَنَةٍ قَدْرُ ثُلُثِ دِيَةٍ، وَقِيلَ كُلُّهَا فِي سَنَةٍ وَأَجَلُ النَّفْسِ مِنْ الزُّهُوقِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْجِنَايَةِ، وَمَنْ مَاتَ فِي بَعْضِ سَنَةٍ سَقَطَ‏.‏

وَلَا يَعْقِلُ فَقِيرٌ وَرَقِيقٌ وَصَبِيٌّ وَمَجْنُونٌ وَمُسْلِمٌ عَنْ كَافِرٍ وَعَكْسِهِ‏.‏

وَيَعْقِلُ يَهُودِيٌّ عَنْ نَصْرَانِيٍّ وَعَكْسُهُ فِي الْأَظْهَرِ‏.‏

وَعَلَى الْغَنِيِّ نِصْفُ دِينَارٍ، وَالْمُتَوَسِّطِ رُبُعٌ كُلَّ سَنَةٍ مِنْ الثَّلَاثِ، وَقِيلَ هُوَ وَاجِبُ الثَّلَاثِ، وَيُعْتَبَرَانِ آخِرَ الْحَوْلِ، وَمَنْ أَعْسَرَ فِيهِ سَقَطَ‏.‏

فَصْلٌ ‏[‏في جناية الرقيق‏]‏

مَالُ جِنَايَةِ الْعَبْدِ يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ، وَلِسَيِّدِهِ بَيْعُهُ لَهَا، وَفِدَاؤُهُ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ وَأَرْشِهَا وَفِي الْقَدِيمِ بِأَرْشِهَا، وَلَا يَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ مَعَ رَقَبَتِهِ فِي الْأَظْهَرِ، وَلَوْ فَدَاهُ ثُمَّ جَنَى سَلَّمَهُ لِلْبَيْعِ أَوْ فَدَاهُ، وَلَوْ جَنَى ثَانِيًا قَبْلَ الْفِدَاءِ بَاعَهُ فِيهِمَا أَوْ فَدَاهُ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ وَالْأَرْشَيْنِ، وَفِي الْقَدِيمِ بِالْأَرْشَيْنِ، وَلَوْ أَعْتَقَهُ أَوْ بَاعَهُ وَصَحَّحْنَاهُمَا أَوْ قَتَلَهُ فَدَاهُ بِالْأَقَلِّ، وَقِيلَ الْقَوْلَانِ‏.‏

وَلَوْ هَرَبَ أَوْ مَاتَ بَرِئَ سَيِّدُهُ إلَّا إذَا طُلِبَ فَمَنَعَهُ، وَلَوْ اخْتَارَ الْفِدَاءَ فَالْأَصَحُّ أَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ وَتَسْلِيمَهُ وَيَفْدِي أُمَّ وَلَدِهِ بِالْأَقَلِّ، وَقِيلَ الْقَوْلَانِ، وَجِنَايَاتُهَا كَوَاحِدَةٍ فِي الْأَظْهَرِ‏.‏

فَصْلٌ ‏[‏في الغرة‏]‏

فِي الْجَنِينِ غُرَّةٌ إنْ انْفَصَلَ مَيِّتًا بِجِنَايَةٍ فِي حَيَاتِهَا أَوْ مَوْتِهَا‏.‏

وَكَذَا إنْ ظَهَرَ بِلَا انْفِصَالٍ فِي الْأَصَحِّ وَإِلَّا فَلَا، أَوْ حَيًّا وَبَقِيَ زَمَانًا بِلَا أَلَمٍ ثُمَّ مَاتَ فَلَا ضَمَانَ وَإِنْ مَاتَ حِينَ خَرَجَ أَوْ دَامَ أَلَمُهُ وَمَاتَ فَدِيَةُ نَفْسٍ‏.‏

وَلَوْ أَلْقَتْ جَنِينَيْنِ فَغُرَّتَانِ، أَوْ يَدًا فَغُرَّةٌ، إنْ انْفَصَلَ مَيِّتًا بِجِنَايَةٍ فِي حَيَاتِهَا أَوْ مَوْتِهَا، وَكَذَا إنْ ظَهَرَ بِلَا انْفِصَالٍ فِي الْأَصَحِّ وَإِلَّا فَلَا‏.‏

وَكَذَا لَحْمٌ قَالَ الْقَوَابِلُ فِيهِ صُورَةٌ خَفِيَّةٌ، قِيلَ أَوْ لَا قُلْنَ لَوْ بَقِيَ لَتَصَوَّرَ‏.‏

وَهِيَ عَبْدٌ أَوْ أَمَةٌ، مُمَيِّزٌ سَلِيمٌ مِنْ عَيْبِ مَبِيعٍ، وَالْأَصَحُّ قَبُولُ كَبِيرٍ لَمْ يَعْجَزْ بِهَرَمٍ، وَيُشْتَرَطُ بُلُوغُهَا نِصْفَ عُشْرِ دِيَةٍ‏.‏

فَإِنْ فُقِدَتْ فَخَمْسَةُ أَبْعِرَةٍ، وَقِيلَ لَا يُشْتَرَطُ فَلِلْفَقْدِ قِيمَتُهَا وَهِيَ لِوَرَثَةِ الْجَنِينِ وَعَلَى عَاقِلَةِ الْجَانِي، وَقِيلَ إنْ تَعَمَّدَ فَعَلَيْهِ‏.‏

وَالْجَنِينُ الْيَهُودِيُّ أَوْ النَّصْرَانِيُّ قِيلَ كَمُسْلِمٍ، وَقِيلَ هَدَرٌ، وَالْأَصَحُّ غُرَّةٌ كَثُلُثِ غُرَّةِ مُسْلِمٍ‏.‏

وَالرَّقِيقُ عُشْرُ قِيمَةِ أُمِّهِ يَوْمَ الْجِنَايَةِ، وَقِيلَ الْإِجْهَاضُ لِسَيِّدِهَا، فَإِنْ كَانَتْ مَقْطُوعَةً وَالْجَنِينُ سَلِيمٌ قُوِّمَتْ سَلِيمَةً فِي الْأَصَحِّ، وَتَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ فِي الْأَظْهَرِ‏.‏

فصل ‏[‏في كفارة القتل‏]‏

تجب بالقتل كفارة وَإِنْ كَانَ الْقَاتِلُ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا عَبْدًا أَوْ ذِمِّيًّا وَعَامِدًا وَمُخْطِئًا وَمُتَسَبِّبًا بِقَتْلِ مُسْلِمٍ وَلَوْ بِدَارِ حَرْبٍ، وَذِمِّيٍّ وَجَنِينٍ وَعَبْدِ نَفْسِهِ وَنَفْسِهِ، وَفِي نَفْسِهِ وَجْهٌ‏.‏

لَا امْرَأَةٍ، وَصَبِيٍّ حَرْبِيَّيْنِ وَبَاغٍ وَصَائِلٍ وَمُقْتَصٍّ مِنْهُ‏.‏

وَعَلَى كُلٍّ مِنْ الشُّرَكَاءِ كَفَّارَةٌ فِي الْأَصَحِّ‏.‏

وَهِيَ كَظِهَارٍ لَكِنْ لَا إطْعَامَ فِي الْأَظْهَرِ‏.‏

كتاب دَعْوَى الدَّمِ وَالْقَسَامَةِ

يُشْتَرَطُ أَنْ يُفَصِّلَ مَا يَدَّعِيهِ مِنْ عَمْدٍ وَخَطَإٍ وَانْفِرَادٍ وَشِرْكَةٍ، فَإِنْ أَطْلَقَ اسْتَفْصَلَهُ الْقَاضِي وَقِيلَ يُعْرِضُ عَنْهُ وَأَنْ يُعَيِّنَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فَلَوْ قَالَ قَتَلَهُ أَحَدُهُمْ لَا يُحَلِّفُهُمْ الْقَاضِي فِي الْأَصَحِّ، وَيَجْرِيَانِ فِي دَعْوَى غَصْبٍ وَسَرِقَةٍ وَإِتْلَافٍ، وَإِنَّمَا تُسْمَعُ مِنْ مُكَلَّفٍ مُلْتَزِمٍ عَلَى مِثْلِهِ، وَلَوْ ادَّعَى انْفِرَادَهُ بِالْقَتْلِ ثُمَّ ادَّعَى عَلَى آخَرَ لَمْ تُسْمَعْ الثَّانِيَةُ، أَوْ عَمْدًا وَوَصَفَهُ بِغَيْرِهِ، لَمْ يَبْطُلْ أَصْلُ الدَّعْوَى فِي الْأَظْهَرِ‏.‏

وَتَثْبُتُ الْقَسَامَةُ، فِي الْقَتْلِ بِمَحَلِّ لَوْثٍ، وَهُوَ قَرِينَةٌ لِصِدْقِ الْمُدَّعِي بِأَنْ وُجِدَ قَتِيلٌ فِي مَحَلَّةٍ أَوْ قَرْيَةٍ صَغِيرَةٍ لِأَعْدَائِهِ، أَوْ تَفَرَّقَ عَنْهُ جَمْعٌ، وَلَوْ تَقَابَلَ صَفَّانِ لِقِتَالٍ وَانْكَشَفُوا عَنْ قَتِيلٍ، فَإِنْ الْتَحَمَ قِتَالٌ فَلَوْثٌ فِي حَقِّ الصَّفِّ الْآخَرِ، وَإِلَّا فَفِي حَقِّ صَفِّهِ‏.‏

وَشَهَادَةُ الْعَدْلِ لَوْثٌ‏.‏

وَكَذَا عَبِيدٌ أَوْ نِسَاءٌ، وَقِيلَ يُشْتَرَطُ تَفَرُّقُهُمْ وَقَوْلُ فَسَقَةٍ وَصِبْيَانٍ وَكُفَّارٍ لَوْثٌ فِي الْأَصَحِّ‏.‏

وَلَوْ ظَهَرَ لَوْثٌ فَقَالَ أَحَدُ ابْنَيْهِ‏:‏ قَتَلَهُ فُلَانٌ وَكَذَّبَهُ الْآخَرُ بَطَلَ اللَّوْثُ، وَفِي قَوْلٍ لَا وَقِيلَ لَا يَبْطُلُ بِتَكْذِيبِ فَاسِقٍ، وَلَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا‏:‏ قَتَلَهُ زَيْدٌ وَمَجْهُولٌ، وَقَالَ الْآخَرُ عَمْرٌو وَمَجْهُولٌ حَلَفَ كُلٌّ عَلَى مَنْ عَيَّنَهُ وَلَهُ رُبُعُ الدِّيَةِ، وَلَوْ أَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ اللَّوْثَ فِي حَقِّهِ فَقَالَ لَمْ أَكُنْ مَعَ الْمُتَفَرِّقِينَ عَنْهُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ، وَلَوْ ظَهَرَ لَوْثٌ بِأَصْلِ قَتْلٍ دُونَ عَمْدٍ وَخَطَإٍ فَلَا قَسَامَةَ فِي الْأَصَحِّ، وَلَا يُقْسَمُ فِي طَرَفٍ وَإِتْلَافِ مَالٍ إلَّا فِي عَبْدٍ فِي الْأَظْهَرِ وَهِيَ أَنْ يَحْلِفَ الْمُدَّعِي عَلَى قَتْلٍ ادَّعَاهُ خَمْسِينَ يَمِينًا، وَلَا يُشْتَرَطُ مُوَالَاتُهَا عَلَى الْمَذْهَبِ، وَلَوْ تَخَلَّلَهَا جُنُونٌ أَوْ إغْمَاءٌ بَنَى، وَلَوْ مَاتَ لَمْ يَبْنِ وَارِثُهُ عَلَى الصَّحِيحِ، وَلَوْ كَانَ لِلْقَتِيلِ وَرَثَةٌ وُزِّعَتْ بِحَسَبِ الْإِرْثِ، وَجُبِرَ الْمُنْكَسِرُ، وَفِي قَوْلٍ يَحْلِفُ كُلٌّ خَمْسِينَ، وَلَوْ نَكَلَ أَحَدُهُمَا حَلَفَ الْآخَرُ خَمْسِينَ، وَلَوْ غَابَ حَلَفَ الْآخَرُ خَمْسِينَ وَأَخَذَ حِصَّتَهُ، وَإِلَّا صَبَرَ لِلْغَائِبِ، وَالْمَذْهَبُ أَنَّ يَمِينَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِلَا لَوْثٍ، وَالْمَرْدُودَةَ عَلَى الْمُدَّعِي أَوْ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَعَ لَوْثٍ، وَالْيَمِينَ مَعَ شَاهِدٍ خَمْسُونَ‏.‏

وَيَجِبُ بِالْقَسَامَةِ فِي قَتْلِ الْخَطَإِ، أَوْ شِبْهِ الْعَمْدِ دِيَةٌ عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَفِي الْعَمْدِ عَلَى الْمَقْسَمِ عَلَيْهِ وَفِي الْقَدِيمِ قِصَاصٌ وَلَوْ ادَّعَى عَمْدًا بِلَوْثٍ عَلَى ثَلَاثَةٍ حَضَرَ أَحَدُهُمْ أَقْسَمَ عَلَيْهِ خَمْسِينَ وَأَخَذَ ثُلُثَ الدِّيَةِ، فَإِنْ حَضَرَ آخَرُ أَقْسَمَ عَلَيْهِ خَمْسِينَ، وَفِي قَوْلٍ خَمْسًا وَعِشْرِينَ إنْ لَمْ يَكُنْ ذَكَرَهُ فِي الْأَيْمَانِ، وَإِلَّا فَيَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ بِهَا بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ الْقَسَامَةِ فِي غَيْبَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَهُوَ الْأَصَحُّ‏.‏

وَمَنْ اسْتَحَقَّ بَدَلَ الدَّمِ أَقْسَمَ وَلَوْ مُكَاتَبًا لِقَتْلِ عَبْدِهِ، وَمَنْ ارْتَدَّ فَالْأَفْضَلُ تَأْخِيرُ أَقْسَامِهِ لِيُسْلِمَ، فَإِنْ أَقْسَمَ فِي الرِّدَّةِ صَحَّ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَمَنْ لَا وَارِثَ لَهُ لَا قَسَامَةَ فِيهِ‏.‏

فَصْلٌ ‏[‏فيما يثبت به موجب القود وموجب المال بسبب الجناية من إقرار وشهادة‏]‏

إنَّمَا يَثْبُتُ مُوجِبُ الْقِصَاصِ بِإِقْرَارٍ أَوْ عَدْلَيْنِ‏.‏

وَالْمَالِ بِذَلِكَ أَوْ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ، أَوْ وَيَمِينٍ، وَلَوْ عَفَا عَنْ الْقِصَاصِ لِيَقْبَلَ لِلْمَالِ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ لَمْ يُقْبَلْ فِي الْأَصَحِّ وَلَوْ شَهِدَ هُوَ وَهُمَا بِهَاشِمَةٍ قَبْلَهَا إيضَاحٌ لَمْ يَجِبْ أَرْشُهَا عَلَى الْمَذْهَبِ وَلْيُصَرِّحْ الشَّاهِدُ بِالْمُدَّعَى، فَلَوْ قَالَ ضَرَبَهُ بِسَيْفٍ فَجَرَحَهُ فَمَاتَ لَمْ يَثْبُتْ حَتَّى يَقُولَ فَمَاتَ مِنْهُ أَوْ فَقَتَلَهُ، وَلَوْ قَالَ ضَرَبَ رَأْسَهُ فَأَدْمَاهُ أَوْ فَأَسَالَ دَمَهُ ثَبَتَتْ دَامِيَةٌ، وَيُشْتَرَطُ لِمُوضِحَةٍ ضَرَبَهُ فَأَوْضَحَ عَظْمَ رَأْسِهِ، وَقِيلَ يَكْفِي فَأَوْضَحَ رَأْسَهُ، وَيَجِبُ بَيَانُ مَحَلِّهَا وَقَدْرِهَا لِيُمْكِنَ الْقِصَاصُ وَيَثْبُتُ الْقَتْلُ بِالسِّحْرِ بِإِقْرَارٍ بِهِ، لَا بِبَيِّنَةٍ‏.‏

وَلَوْ شَهِدَ لِمُوَرِّثِهِ بِجُرْحٍ قَبْلَ الِانْدِمَالِ لَمْ تُقْبَلْ، وَبَعْدَهُ يُقْبَلُ وَكَذَا بِمَالٍ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ فِي الْأَصَحِّ‏.‏

وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْعَاقِلَةِ بِفِسْقِ شُهُودِ قَتْلٍ يَحْمِلُونَهُ‏.‏

وَلَوْ شَهِدَ اثْنَانِ عَلَى اثْنَيْنِ بِقَتْلِهِ فَشَهِدَا عَلَى الْأَوَّلَيْنِ بِقَتْلِهِ فَإِنْ صَدَّقَ الْوَلِيُّ الْأَوَّلَيْنِ حُكِمَ بِهِمَا، أَوْ الْآخَرَيْنِ أَوْ الْجَمِيعَ أَوْ كَذَّبَ الْجَمِيعَ بَطَلَتَا، وَلَوْ أَقَرَّ بَعْضُ الْوَرَثَةِ بِعَفْوِ بَعْضٍ سَقَطَ الْقِصَاصُ‏.‏

وَلَوْ اخْتَلَفَ شَاهِدَانِ فِي زَمَانٍ أَوْ مَكَان أَوْ آلَةٍ أَوْ هَيْئَةٍ لَغَتْ، وَقِيلَ لَوْثٌ‏.‏

كتاب الْبُغَاةِ

هُمْ مُخَالِفُو الْإِمَامِ بِخُرُوجٍ عَلَيْهِ وَتَرْكِ الِانْقِيَادِ، أَوْ مَنْعِ حَقٍّ تَوَجَّهَ عَلَيْهِمْ بِشَرْطِ شَوْكَةٍ لَهُمْ وَتَأْوِيلٍ، وَمُطَاعٍ فِيهِمْ، قِيلَ وَإِمَامٌ مَنْصُوبٌ، وَلَوْ أَظْهَرَ قَوْمٌ رَأْيَ الْخَوَارِجِ كَتَرْكِ الْجَمَاعَاتِ وَتَكْفِيرِ ذِي كَبِيرَةٍ وَلَمْ يُقَاتِلُوا تُرِكُوا، وَإِلَّا فَقُطَّاعُ طَرِيقٍ‏.‏

وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الْبُغَاةِ وَقَضَاءُ قَاضِيهِمْ فِيمَا يُقْبَلُ قَضَاءُ قَاضِينَا إلَّا أَنْ يَسْتَحِلَّ دِمَاءَنَا، وَيَنْفُذُ كِتَابُهُ بِالْحُكْمِ وَيُحْكَمُ بِكِتَابِهِ بِسَمَاعِ الْبَيِّنَةِ فِي الْأَصَحِّ‏.‏

وَلَوْ أَقَامُوا حَدًّا وَأَخَذُوا زَكَاةً وَخَرَاجًا وَجِزْيَةً وَفَرَّقُوا سَهْمَ الْمُرْتَزِقَةِ عَلَى جُنْدِهِمْ صَحَّ، وَفِي الْأَخِيرِ وَجْهٌ‏.‏

وَمَا أَتْلَفَهُ بَاغٍ عَلَى عَادِلٍ وَعَكْسِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي قِتَالٍ ضَمِنَ، وَإِلَّا فَلَا، وَفِي قَوْلٍ يَضْمَنُ الْبَاغِي‏.‏

وَالْمُتَأَوِّلُ بِلَا شَوْكَةٍ يَضْمَنُ، وَعَكْسُهُ كَبَاغٍ‏.‏

وَلَا يُقَاتِلُ الْبُغَاةَ حَتَّى يَبْعَثَ إلَيْهِمْ أَمِينًا فَطِنًا نَاصِحًا يَسْأَلُهُمْ مَا يَنْقِمُونَ، فَإِنْ ذَكَرُوا مَظْلِمَةً أَوْ شُبْهَةً أَزَالَهَا، فَإِنْ أَصَرُّوا نَصَحَهُمْ ثُمَّ آذَنَهُمْ بِالْقِتَالِ، فَإِنْ اسْتَمْهَلُوا اجْتَهَدَ وَفَعَلَ مَا رَآهُ صَوَابًا، وَلَا يُقَاتِلُ مُدْبِرَهُمْ وَلَا مُثْخَنَهُمْ وَأَسِيرَهُمْ وَلَا يُطْلَقُ، وَإِنْ كَانَ صَبِيًّا وَامْرَأَةً حَتَّى تَنْقَضِيَ الْحَرْبُ وَيَتَفَرَّقَ جَمْعُهُمْ إلَّا أَنْ يُطِيعَ بِاخْتِيَارِهِ، وَيَرُدُّ سِلَاحَهُمْ وَخَيْلَهُمْ إلَيْهِمْ إذَا انْقَضَتْ الْحَرْبُ وَأُمِنَتْ غَائِلَتُهُمْ، وَلَا يُسْتَعْمَلُ فِي قِتَالٍ إلَّا لِضَرُورَةٍ، وَلَا يُقَاتَلُونَ بِعَظِيمٍ كَنَارٍ وَمَنْجَنِيقٍ إلَّا لِضَرُورَةٍ كَأَنْ قَاتَلُوا بِهِ أَوْ أَحَاطُوا بِنَا وَلَا يُسْتَعَانُ عَلَيْهِمْ بِكَافِرٍ، وَلَا بِمَنْ يَرَى قَتْلَهُمْ مُدْبِرِينَ، وَلَوْ اسْتَعَانُوا عَلَيْنَا بِأَهْلِ حَرْبٍ وَآمَنُوهُمْ لَمْ يَنْفُذْ أَمَانُهُمْ عَلَيْنَا، وَنَفَذَ عَلَيْهِمْ فِي الْأَصَحِّ، وَلَوْ أَعَانَهُمْ أَهْلُ الذِّمَّةِ عَالِمِينَ بِتَحْرِيمِ قِتَالِنَا انْتَقَضَ عَهْدُهُمْ، أَوْ مُكْرَهِينَ فَلَا، وَكَذَا إنْ قَالُوا ظَنَنَّا جَوَازَهُ أَوْ أَنَّهُمْ مُحِقُّونَ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَيُقَاتَلُونَ كَبُغَاةٍ‏.‏

فَصْلٌ ‏[‏في شروط الإمام الأعظم وبيان طرق الإمامة‏]‏

شَرْطُ الْإِمَامِ كَوْنُهُ مُسْلِمًا مُكَلَّفًا حُرًّا ذَكَرًا قُرَشِيًّا مُجْتَهِدًا شُجَاعًا ذَا رَأْيٍ وَسَمْعٍ وَبَصَرٍ وَنُطْقٍ‏.‏

وَتَنْعَقِدُ الْإِمَامَةُ بِالْبَيْعَةِ، وَالْأَصَحُّ بَيْعَةُ أَهْلِ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ مِنْ الْعُلَمَاءِ وَالرُّؤَسَاءِ وَوُجُوهِ النَّاسِ الَّذِينَ يَتَيَسَّرُ اجْتِمَاعُهُمْ، وَشَرْطُهُمْ صِفَةُ الشُّهُودِ وَبِاسْتِخْلَافِ الْإِمَامِ، فَلَوْ جَعَلَ الْأَمْرَ شُورَى بَيْنَ جَمْعٍ فَكَاسْتِخْلَافٍ فَيَرْتَضُونَ أَحَدَهُمْ‏.‏

وَبِاسْتِيلَاءِ جَامِعِ الشُّرُوطِ، وَكَذَا فَاسِقٌ وَجَاهِلٌ فِي الْأَصَحِّ‏.‏

قُلْتُ‏:‏ لَوْ ادَّعَى دَفْعَ زَكَاةٍ إلَى الْبُغَاةِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ، أَوْ جِزْيَةٍ فَلَا عَلَى الصَّحِيحِ، وَكَذَا خَرَاجٍ فِي الْأَصَحِّ، وَيُصَدَّقُ فِي حَدٍّ إلَّا أَنْ يَثْبُتَ بِبَيِّنَةٍ، وَلَا أَثَرَ لَهُ فِي الْبَدَنِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

كتاب الرِّدَّةِ

هِيَ‏:‏ قَطْعُ الْإِسْلَامِ بِنِيَّةِ أَوْ قَوْلِ كُفْرٍ أَوْ فِعْلٍ، سَوَاءٌ قَالَهُ اسْتِهْزَاءً أَوْ عِنَادًا أَوْ اعْتِقَادًا‏.‏

فَمَنْ نَفَى الصَّانِعَ أَوْ الرُّسُلَ أَوْ كَذَّبَ رَسُولاً أَوْ حَلَّلَ مُحَرَّمًا بِالْإِجْمَاعِ كَالزِّنَا وَعَكْسَهُ، أَوْ نَفَى وُجُوبَ مُجْمَعٍ عَلَيْهِ أَوْ عَكْسَهُ‏.‏

أَوْ عَزَمَ عَلَى الْكُفْرِ غَدًا أَوْ تَرَدَّدَ فِيهِ كَفَرَ‏.‏

وَالْفِعْلُ الْمُكَفِّرُ مَا تَعَمَّدَهُ اسْتِهْزَاءً صَرِيحًا بِالدِّينِ أَوْ جُحُودًا لَهُ كَإِلْقَاءِ مُصْحَفٍ بِقَاذُورَةٍ وَسُجُودٍ لِصَنَمٍ أَوْ شَمْسٍ‏.‏

وَلَا تَصِحُّ رِدَّةُ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَمُكْرَهٍ‏.‏

وَلَوْ ارْتَدَّ فَجُنَّ لَمْ يُقْتَلْ فِي جُنُونِهِ‏.‏

وَالْمَذْهَبُ صِحَّةُ رِدَّةِ السَّكْرَانِ وَإِسْلَامِهِ‏.‏

وَتُقْبَلُ الشَّهَادَةُ بِالرِّدَّةِ مُطْلَقًا، وَقِيلَ يَجِبُ التَّفْصِيلِ، فَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ شَهِدُوا بِرِدَّةٍ فَأَنْكَرَ حُكِمَ بِالشَّهَادَةِ فَلَوْ قَالَ‏:‏ كُنْتُ مُكْرَهًا وَاقْتَضَتْهُ قَرِينَةٌ كَأَسْرِ كُفَّارٍ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ، وَإِلَّا فَلَا، وَلَوْ قَالَا‏:‏ لَفَظَ لَفْظَ كُفْرٍ فَادَّعَى إكْرَاهًا صُدِّقَ مُطْلَقًا‏.‏

وَلَوْ مَاتَ مَعْرُوفٌ بِالْإِسْلَامِ عَنْ ابْنَيْنِ مُسْلِمَيْنِ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا‏:‏ ارْتَدَّ فَمَاتَ كَافِرًا، فَإِنْ بَيَّنَ سَبَبَ كُفْرِهِ لَمْ يَرِثْهُ، وَنَصِيبُهُ فَيْءٌ وَكَذَا إنْ أَطْلَقَ فِي الْأَظْهَرِ‏.‏

وَتَجِبُ اسْتِتَابَةُ الْمُرْتَدِّ وَالْمُرْتَدَّةِ، وَفِي قَوْلٍ تُسْتَحَبُّ كَالْكَافِرِ، وَهِيَ فِي الْحَالِ، وَفِي قَوْلٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَإِنْ أَصَرَّا قُتِلَا، وَإِنْ أَسْلَمَ صَحَّ وَتُرِكَ‏.‏

وَقِيلَ لَا يُقْبَلُ إسْلَامُهُ إنْ ارْتَدَّ إلَى كُفْرٍ خَفِيٍّ كَزَنَادِقَةٍ وَبَاطِنِيَّةٍ‏.‏

وَوَلَدُ الْمُرْتَدِّ إنْ انْعَقَدَ قَبْلَهَا أَوْ بَعْدَهَا، وَأَحَدُ أَبَوَيْهِ مُسْلِمٌ فَمُسْلِمٌ، أَوْ مُرْتَدَّانِ فَمُسْلِمٌ، وَفِي قَوْلٍ مُرْتَدٌّ، وَفِي قَوْلٍ كَافِرٌ أَصْلِيٌّ قُلْتُ‏:‏ الْأَظْهَرُ مُرْتَدٌّ، وَنَقَلَ الْعِرَاقِيُّونَ الِاتِّفَاقَ عَلَى كُفْرِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَفِي زَوَالِ مِلْكِهِ عَنْ مَالِهِ بِهَا أَقْوَالٌ‏:‏ أَظْهَرُهَا إنْ هَلَكَ مُرْتَدًّا بَانَ زَوَالُهُ بِهَا، وَإِنْ أَسْلَمَ بَانَ أَنَّهُ لَمْ يَزُلْ، وَعَلَى الْأَقْوَالِ يُقْضَى مِنْهُ دَيْنٌ لَزِمَهُ قَبْلَهَا‏.‏

وَيُنْفَقُ عَلَيْهِ مِنْهُ، وَالْأَصَحُّ يَلْزَمُهُ غُرْمُ إتْلَافِهِ فِيهَا، وَنَفَقَةُ زَوْجَاتٍ وُقِفَ نِكَاحُهُنَّ وَقَرِيبٍ، وَإِذَا وَقَفْنَا مِلْكَهُ فَتَصَرُّفُهُ إنْ احْتَمَلَ الْوَقْفَ كَعِتْقٍ وَتَدْبِيرٍ وَوَصِيَّةٍ مَوْقُوفٌ، إنْ أَسْلَمَ نَفَذَ، وَإِلَّا فَلَا، وَبَيْعُهُ وَهِبَتُهُ وَرَهْنُهُ وَكِتَابَتُهُ بَاطِلَةٌ، وَفِي الْقَدِيم مَوْقُوفَةٌ، وَعَلَى الْأَقْوَالِ يُجْعَلُ مَالُهُ مَعَ عَدْلٍ، وَأَمَتُهُ عِنْدَ امْرَأَةٍ ثِقَةٌ، وَيُؤَدِّي مُكَاتَبُهُ النُّجُومَ إلَى الْقَاضِي‏.‏

كتاب الزِّنَا

إيلَاجُ الذَّكَرِ بِفَرْجٍ مُحَرَّمٍ لَعَيْنِهِ خَالٍ عَنْ الشُّبْهَةِ مُشْتَهًى يُوجِبُ الْحَدَّ‏.‏

وَدُبُرُ ذَكَرٍ وَأُنْثَى كَقُبُلٍ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَلَا حَدَّ بِمُفَاخَذَةٍ وَوَطْءِ زَوْجَتِهِ وَأَمَتِهِ فِي حَيْضٍ وَصَوْمٍ وَإِحْرَامٍ‏.‏

وَكَذَا أَمَتِهِ الْمُزَوَّجَةِ وَالْمُعْتَدَّةِ، وَكَذَا مَمْلُوكَتِهِ الْمَحْرَمِ‏.‏

وَمُكْرَهٍ فِي الْأَظْهَرِ‏.‏

وَكَذَا كُلُّ جِهَةٍ أَبَاحَهَا عَالِمٌ كَنِكَاحٍ بِلَا شُهُودٍ عَلَى الصَّحِيحِ‏.‏

وَلَا بِوَطْءِ مَيِّتَةٍ فِي الْأَصَحِّ، وَلَا بَهِيمَةٍ فِي الْأَظْهَرِ‏.‏

وَيُحَدُّ فِي مُسْتَأْجَرَةٍ‏.‏

وَمُبِيحَةٍ وَمَحْرَمٍ، وَإِنْ كَانَ تَزَوَّجَهَا‏.‏

وَشَرْطُهُ التَّكْلِيفُ إلَّا السَّكْرَانَ، وَعِلْمُ تَحْرِيمِهِ‏.‏

وَحَدُّ الْمُحْصَنِ‏:‏ الرَّجْمُ، وَهُوَ‏:‏ مُكَلَّفٌ حُرٌّ، وَلَوْ ذِمِّيٌّ غَيَّبَ حَشَفَتَهُ بِقُبُلٍ فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ، لَا فَاسِدٍ فِي الْأَظْهَرِ، وَالْأَصَحُّ اشْتِرَاطُ التَّغْيِيبِ حَالَ حُرِّيَّتِهِ وَتَكْلِيفِهِ، وَأَنَّ الْكَامِلَ الزَّانِيَ بِنَاقِصٍ مُحْصَنٌ‏.‏

وَالْبِكْرُ الْحُرُّ مِائَةُ جَلْدَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ إلَى مَسَافَةِ قَصْرٍ فَمَا فَوْقَهَا، وَإِذَا عَيَّنَ الْإِمَامُ جِهَةً فَلَيْسَ لَهُ طَلَبُ غَيْرِهَا فِي الْأَصَحِّ‏.‏

وَيُغَرَّبُ غَرِيبٌ مِنْ بَلَدِ الزِّنَا إلَى غَيْرِ بَلَدِهِ، فَإِنْ عَادَ إلَى بَلَدِهِ مُنِعَ فِي الْأَصَحِّ‏.‏

وَلَا تُغَرَّبُ امْرَأَةٌ وَحْدَهَا فِي الْأَصَحِّ، بَلْ مَعَ زَوْجٍ أَوْ مَحْرَمٍ وَلَوْ بِأُجْرَةٍ‏.‏

فَإِنْ امْتَنَعَ بِأُجْرَةٍ لَمْ يُجْبَرْ فِي الْأَصَحِّ‏.‏

وَالْعَبْدِ خَمْسُونَ، وَيُغَرَّبُ نِصْفَ سَنَةٍ، وَفِي قَوْلٍ سَنَةً، وَفِي قَوْلٍ لَا يُغَرَّبُ‏.‏

وَيَثْبُتُ بِبَيِّنَةٍ‏.‏

أَوْ إقْرَارٍ مَرَّةً‏.‏

وَلَوْ أَقَرَّ ثُمَّ رَجَعَ سَقَطَ‏.‏

وَلَوْ قَالَ لَا تَحُدُّونِي أَوْ هَرَبَ فَلَا فِي الْأَصَحِّ‏.‏

وَلَوْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ بِزِنَاهَا وَأَرْبَعُ نِسْوَةٍ أَنَّهَا عَذْرَاءُ لَمْ تُحَدَّ هِيَ وَلَا قَاذِفُهَا‏.‏

وَلَوْ عَيَّنَ شَاهِدٌ زَاوِيَةً لِزِنَاهُ، وَالْبَاقُونَ غَيْرَهَا لَمْ يَثْبُتْ‏.‏

وَيَسْتَوْفِيهِ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ مِنْ حُرٍّ وَمُبَعَّضٍ‏.‏

وَيُسْتَحَبُّ حُضُورُ الْإِمَامِ، وَشُهُودِهِ‏.‏

وَيَحُدُّ الرَّقِيقَ سَيِّدُهُ أَوْ الْإِمَامُ‏.‏

فَإِنْ تَنَازَعَا فَالْأَصَحُّ الْإِمَامُ‏.‏

وَأَنَّ السَّيِّدَ يُغَرِّبُهُ، وَأَنَّ الْمُكَاتَبَ كَحُرٍّ، وَأَنَّ الْفَاسِقَ وَالْكَافِرَ وَالْمُكَاتَبَ يَحُدُّونَ عَبِيدَهُمْ، وَأَنَّ السَّيِّدَ يُعَزَّرُ وَيَسْمَعُ الْبَيِّنَةَ بِالْعُقُوبَةِ‏.‏

وَالرَّجْمُ بِمَدَرٍ وَحِجَارَةٍ مُعْتَدِلَةٍ، وَلَا يُحْفَرُ لِلرَّجُلِ، وَالْأَصَحُّ اسْتِحْبَابُهُ لِلْمَرْأَةِ إنْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ، وَلَا يُؤَخَّرُ لِمَرَضٍ وَحَرٍّ وَبَرْدٍ مُفْرِطَيْنِ، وَقِيلَ يُؤَخَّرُ إنْ ثَبَتَ بِإِقْرَارٍ وَيُؤَخَّرُ الْجَلْدُ لِمَرَضٍ، فَإِنْ لَمْ يُرْجَ بُرْؤُهُ جُلِدَ لَا بِسَوْطٍ بَلْ بِعِثْكَالٍ عَلَيْهِ مِائَةُ غُصْنٍ، فَإِنْ كَانَ خَمْسُونَ ضُرِبَ بِهِ مَرَّتَيْنِ، وَتَمَسُّهُ الْأَغْصَانُ أَوْ يَنْكَبِسُ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ لِيَنَالَهُ بَعْضُ الْأَلَمِ، فَإِنْ بَرَأَ أَجْزَأَهُ‏.‏

وَلَا جَلْدَ فِي حَرٍّ وَبَرْدٍ مُفْرِطَيْنِ، وَإِذَا جَلَدَ الْإِمَامُ فِي مَرَضٍ أَوْ حَرٍّ وَبَرْدٍ فَلَا ضَمَانَ عَلَى النَّصِّ فَيَقْتَضِي أَنَّ التَّأْخِيرَ مُسْتَحَبٌّ‏.‏

كتاب حَدِّ الْقَذْفِ

شَرْطُ حَدِّ الْقَذْفِ‏:‏ التَّكْلِيفُ إلَّا السَّكْرَانَ الِاخْتِيَارُ، وَيُعَزَّرُ الْمُمَيِّزُ، وَلَا يُحَدُّ بِقَذْفِ الْوَلَدِ وَإِنْ سَفَلَ‏.‏

فَالْحُرُّ ثَمَانُونَ، وَالرَّقِيقُ أَرْبَعُونَ‏.‏

وَ الْمَقْذُوفِ‏:‏ الْإِحْصَانُ وَسَبَقَ فِي اللِّعَانِ‏.‏

وَلَوْ شَهِدَ دُونَ أَرْبَعَةٍ بِزِنًا حُدُّوا فِي الْأَظْهَرِ‏.‏

وَكَذَا أَرْبَعُ نِسْوَةٍ وَعَبِيدٍ وَكَفَرَةٍ عَلَى الْمَذْهَبِ‏.‏

وَلَوْ شَهِدَ وَاحِدٌ عَلَى إقْرَارِهِ فَلَا، وَلَوْ تَقَاذَفَا فَلَيْسَ تَقَاصًّا‏.‏

وَلَوْ اسْتَقَلَّ الْمَقْذُوفُ بِالِاسْتِيفَاءِ لَمْ يَقَعْ الْمَوْقِعَ‏.‏